للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعددة حصلت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأمر فيه مصلحة للصلاة؛ أَلَا وهو تعليم مَن يحتاج إلى التعليم في حالة الصلاة، إذًا للإمام أن يُعلِّم في الحالات التي لا تُؤثر على بطلان الصلاة.

وسيأتي الكلام -إن شاء اللَّه- عن الحركة في الصلاة، لكن الحركة التي تكون أحيانًا لغير مصلحة لا تنبغي؛ لأنَّ كثرة الحركة في الصلاة ترجع إلى خشوع الإنسان أو عدم خشوعه، فكلما كان قلب المؤمن خاشعًا مستكينًا منقادًا تجد أنَّ الخشوع يعلوه، وأنَّ الطمأنينة تستقر في قلبه، فتراه ساكنًا مُستقرًّا؛ كأنَّه شيء منصوب لا يتحرك؛ لماذا؟ لأنَّه ربط صلته باللَّه سبحانه وتعالى في هذا المقام العظيم، لكننا نجد من المأمومين من يتحرك؛ يرفع غترته ويضعها، أو يدخل يده في جيبه، ويحرك ساعته، أو ينظر ويأخذ قلمًا، ويرفع ثوبه، هذه من الحركات التي لا تنبغي في الصلاة؛ لأنَّ اللَّه سبحانه وتعالى يقول: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١، ٢]، ثم يقول بعد ذلك: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١)} [المؤمنون: ١٠، ١١]. ولذلك لما رأى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- رجلًا يُكثر الحركة (١)، قال: "لو خَشَع قلبُ هذا لخشعت جوارحُه" (٢).

فكلما كان قلب المرء مشغولًا بأمور الدنيا منصرفًا عمَّا هو فيه تجد أنَّه يتحرك حركات؛ كأن لم يكن في الصلاة، وكلما كان الإنسان مرتبطًا


(١) لم أقف عليه من قول عمر -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" مرفوعًا (٣/ ٢١٠)، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلًا يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: "لو خشع قلبه لخشعت جوارحه"، وقال الألباني: "موضوع". انظر: "إرواء الغليل" (٣٧٣).
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤/ ٤٨٢)، قال: "رأى سعيد بن المسيب رجلًا وهو يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه"، وضعفه الألباني حيث قال: "والمعروف أنه من قول سعيد، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وفيه رجل لم يُسم. وقال ولده: فيه سليمان بن عمرو مُجمع على ضعفه". انظر: "إرواء الغليل" (٢/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>