للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا صحة صلاة المرأة دليل على جواز صلاة المنفرد خلف الصف (١).

ويستدلون -أيضًا- بصلاة الإمام؛ فيقولون: الإمام يَقدم النَّاسَ فيصلي وحده، والناسُ خلفه، إذًا هو منفرد وحده، ليس عن يمينه ولا شماله أحد، ففيه دليل على أنَّ مَن صلى وحده صحت صلاته (٢).

ويستدلون بحديت أبي بكرة؛ الذي أخرجه البخاري وغيره: أنَّه جاء ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد ركع، فركع دون الصف، ثم أخذ يَدُبُّ حتى دخل في الصف، فلمَّا انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من صلاته، قال: "مَنِ السَّاعي؟ " قال أبو بكرة: أنا يا رسول اللَّه. فقال له: "زادك اللَّهُ حِرْصًا ولا تَعُدْ" (٣). أي: لا تَعُد إلى مثل ذلك، فيقولون: إنَّ الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُبطل صلاته (٤).

فلو نظرنا إلى صلاة الجماعة نظرة عامة؛ لماذا سُمِّيت بهذا الاسم؟

لأنَّ المصلين يفعلونها مكانًا وزمانًا؛ أي: يفعلونها في وقت واحد، وفي مكان واحد، هذا أمر معروف، فكل جماعة إذا جاءت لتؤدي الصلاة فإنَّها تؤديها في المسجد في وقت واحد، فلو أنَّهم صلوا أمام الإمام، أو تقدم الإمامَ بعضُهم، فعامة العلماء ينكرون ذلك، وأكثرهم يرون بطلان الصلاة، عدا المالكية (٥).


(١) سبق ذكر هذا من كلام القاضي عبد الوهاب.
(٢) لم أقف على مَن قاس هذا على الإمام.
(٣) هذه الرواية أخرجها ابن السكن كما سيأتي، وأخرج أحمد نحوها في "مسنده" (٢٠٤٣٥): "أن أبا بكرة، جاء والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- راكع، فسمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صوت نَعل أبى بكرة وهو يحضر، يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَن الساعي؟ ". قال أبو بكرة: أنا، قال: "زادك اللَّه حرصًا، ولا تَعُدْ""، وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٢٣٠).
أما رواية البخاري (٧٨٣)، ففيها: "أنَّ أبا بكرة انتهى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "زادك اللَّهُ حرصًا ولا تَعُدْ"".
(٤) سبق ذكر هذا في أدلة الجمهور.
(٥) سبقت هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>