للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أنَّهم صلوا خلفه بعيدًا عنه، فيقع الخلاف -أيضًا- في صحة صلاتهم (١).


(١) اختلف الفقهاء في صحة صلاة المأمومين إذا تَباعدوا بالصفوف عن الإمام.
مذهب الأحناف: أنَّه متى اتصلت الصفوف صَحَّت الصلاة، فإذا ما حدث انقطاع بطلت الصلاة.
انظر: "البحر الرائق"، لابن نُجيم (١/ ٣٨٤)، وفيه قال: "وذكر في "الكافي" للحاكم أنه إذا كان بين المصلي والإمام طريق يَمر فيه الناس أو نهر عظيم لم تَجُز صلاته إِلَّا أن تكون الصفوف متصلة على الطريق فيجوز حينئذ".
ومذهب المالكية أنه متى ما تمكنوا من سماع الإمام ورؤيته صَحَّت الصلاة وإن لم تتصل الصفوف.
انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٣٠١)، وفيه قال: "إذا صلوا بصلاة الإمام وبينهم نَهر أو طريق قريب لا يَمنعهم رؤية الصفوف وسماع التكبير جاز، ولم يمنع ذلك الائتمام به. ودليلنا على أبي حنيفة: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه". فعلى أي وجه أمكن ذلك يجب أن يجوز، ولأن مسجد النبي كان قد ضاق على الناس حتى كانوا يصلون بالقرب منه، وحيث يمكنهم معرفة أفعال الإمام، ولا ينكر ذلك أحد. فأما تقدير الشافعي فإنَّه دعوى لا فصل بينه وبين من عكسها فزاد فيها أو نقص منها".
ومذهب الشافعية: أنه إذا كان بينهم وبين الإمام أو الصفوف ثلاثمائة ذراع جاز، وإن كان أكثر لم يجز. انظر: "المهذب"، للشيرازي (١/ ١٩٠)، وفيه قال: "فإن تباعدت الصفوف أو تباعد الصف الأول عن الإمام نظرت، فإن كان لا حائل بينهما وكانت الصلاة في المسجد وهو عالم بصلاة الإمام صَحَّت الصلاة؛ لأن كُلَّ مَوضع من المسجد موضع الجماعة، وإن كان في غير المسجد فإن كان بينه وبين الإمام أو بينه وبين آخر صف مع الإمام مسافة بعيدة لم تصح صلاته، فإن كانت مسافة قريبة صحت صلاته، وقدَّر الشافعي رحمه اللَّه القريب بثلاثمائة ذراع، والبعيد ما زاد على ذلك؛ لأن ذلك قريب في العادة وما زاد بعيد".
ومذهب الحنابلة؛ كالمالكية من أنه متى أمكنه رؤية الإمام صَحَّت. "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٤٩٢)، وفيه قال: " (وإن كان بينهما نهر تجري فيه السفن) لم تصح، (أو) كان بينهما (طريق ولم تتصل فيه الصفوف عرفًا إن صحت) الصلاة (فيه)، أي: الطريق؛ كصلاة الجمعة والعيد والاستسقاء والكسوف والجنازة لضرورة لم تصح، فإن اتصلت إذًا صَحَّت، (أو اتصلت) الصفوف (فيه)، أي: الطريق. (وقلنا: لا تصح) الصلاة (فيه)، أي: الطريق؛ كالصلوات الخمس، (أو انقطعت) الصفوف (فيه)، أي: الطريق (مطلقًا) سواء كانت تلك الصلاة مما تصح في الطريق أو لا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>