للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسألة فيها تفصيل وكلام للعلماء، ولو أنَّهم صلوا واحدًا خلف واحدٍ، خالفوا تسوية الصفوف وإتمامها التي أرشد إليها رسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل لم ينقل عن السلف الصالح أنَّهم صلوا على هذا الشكل ولو مرة واحدة، وإنَّما يأتون يُتمُّون الصف الأول، ثم الذي يليه، وبهذا ننتهي إلى أنَّ صلاة الجماعة مطلوب فيها أن تُسوى الصفوف، وأن تتم، وألَّا ينتقل إلى الصف الثاني إلَّا عندما يتم ويمتلئ الصف الأول (١). فإذا ما جاء فرد فصلى خلف الصف مع وجود مكان، فكيف تصحُّ صلاته مع وجود النَّهي عن ذلك؟

هناك ظروف قد تحدث لكل إنسان، قد يأتي فيجد الصف الأول قد انتهى، والصف الثاني لا يوجد غيره، فيلتفت يمينًا ويسارًا لا يجد داخلًا، فإذا دخل معه أحدٌ زال الإشكال، فهل يجذب من في الصف؟

هذه مسألة يختلف فيها العلماء: بعض العلماء يرى الجذب، وإن كان فيه ردٌّ للمتقدم، وتأخير له، لكنَّهم يقولون: فيه إعانة على الخير، فإنَّ صاحبه المصلي سيستفيد من ذلك، ولا يعتبر تأخره قصدًا، والتعليل الآخر أنَّهم قالوا: هذا ردٌّ للإنسان بغير أخذ إذن، فهذا لا ينبغي، فهذه نظرة عامة (٢).


= وبعضه داخل فيما تقدم (لم تصح) صلاة المأموم؛ لأن الطريق ليست محلًّا للصلاة أشبه ما يمنع الاتصال".
(١) سبق بيان كل هذا.
(٢) اختلف الفقهاء في مشروعية جذب المنفرد أحدًا مِن الصف يقف معه.
فذهب الجمهور إلى كراهة ذلك، وأنه يمنع إذا كان فيه إيذاء أو تسبب في فتنة، واستحب ذلك الشافعية إذا اضطر إليه.
انظر في مذهب الأحناف: "درر الحكام"، لمنلا خسرو (١/ ١٠٩)، حيث قال: " (قوله: والقيام خلف صف فيه فرجة). أقول: فإن لم يجد فرجة اختلف العلماء؛ قيل: يقوم وحده ويُعذر. وقيل: يَجذب واحدًا من الصف إلى نفسه فيقف إلى جنبه. والأصح: ما روى هشام عن محمد أنه ينتظر إلى الركوع فإن جاء رجل، وإلا جذب إليه رجلًا، أو دخل في الصف. قال مولانا البديع: والقيام وحده أولى في زماننا؛ لغلبة الجهل على العوام، فإذا جرَّه تَفسد صلاته. وفي "شرح الإسبيجابي": أنه الأصح وأولى في زماننا، ذكره في "شرح المنظومة" لابن الشحنة، ثم قال: وبحث =

<<  <  ج: ص:  >  >>