للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو حاقن، أو بحضرة طعام يشتهيه، فهذه الأمور تشغله في صلاته، وتصرف ذهنه عنها، وتقلل خشوعه، ينبغي أن يتجرد منها قبل أن يدخل في الصلاة، إذًا هذه أدلة الذين قالوا بصحة الصلاة خلف الصف.

أمَّا الذين قالوا بعدم صحتها: فدليلهم ما ذكرناه من الحديثين.

فما الجواب عن أدلة الجمهور الذين استدلوا بهذه الأدلة:

أولًا: نأخذ دليلهم الأول؛ وهو صلاة المرأة خلف الصف، فهم يقولون: المرأة تصلي خلف الصف، وصلاتها صحيحة، فما المانع أن يكون الرجل كذلك.

والجواب عن ذلك:

إنَّ هذا قياس، والقياس عادة إنَّما يكون فيما يلحق مسكوتًا عنه، بمنطوق في حكم؛ لعلة تجمع بينهما (١).

ولا يُعرف في القياس أن يُقاس منطوق على منطوق يخالفه في الحكم.

فبالنسبة إلى المرأة ورد النص بأنَّ هذا هو موقفها؛ أن تكون وراء الصفوف، وورد -أيضًا- أنَّ من صلى خلف الصف خلافها فصلاته غير صحيحة.

إذًا هذا نص، وهذا نص، فكيف نلحق نصًّا نطق به الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم-


= حضرت الصلاة والعشاء بدأ بالعشاء)، وجملة ذلك: أنه إذا حضر العشاء في وقت الصلاة فالمستحب أن يبدأ بالعشاء قبل الصلاة؛ ليكون أفرغ لقلبه، وأحضر لباله، ولا يستحب أن يَعجل عن عشائه أو غَدائه".
(١) قال ابن النجار: "القياس شرعًا، أي: في عرف الشرع هو: تسوية فرع بأصل في حكم، من باب تخصيص الشيء ببعض مسمياته"، فهو حقيقة عرفية، مجاز لغوي. قاله الطوفي في "شرحه" وغيره. والقياس اصطلاحًا، أي: في اصطلاح الأصوليين علماء الشريعة: "رد فرع إلى أصل بعلة جامعة". انظر: "مختصر التحرير شرح الكوكب المنير" (٤/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>