للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ المُنْفَرِدَ وَالإِمَامَ يَقُولَانِهِمَا جَمِيعًا).

أي: أن الإمام يجمع بين الذِّكْرين.

* قوله: (وَلَا خِلَافَ فِي المُنْفَرِدِ، أَعْنِي: أَنَّهُ يَقُولهُمَا جَمِيعًا).

يَعْني: أنَّ العُلَماءَ لم يَخْتلفوا في أنَّ المنفرد عليه أن يجمع بين الذِّكرين، فيقوله: "ربنا ولك الحمد"، بعد قوله: "سمع اللَّه لمَنْ حمده" (١).


= قَالَ ابن قدامة: "وعن أحمد روايةٌ أُخرى: لا يقوله المنفرد، فإنه قال في رواية إسحاق في الرجل يُصلِّي وحده، فإذا قال: (سمع اللَّه لمن حمده)، قال: (ربنا ولك الحمد)؟ فقال: إنَّما هذا للإمام جمعهما، وليس هذا لأحدٍ سوى الإمام. ووجهه: أن الخبَر لم يَرد به في حقه، فلم يشرع له كقول: (سمع اللَّه لمَنْ حمده) في حق المأموم، والصحيح: أنَّ المنفردَ يَقُول كما يقول الإمام؛ "لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- روي عنه أنه قال لبُرَيدة: "يا بريدةُ، إذا رفعتَ رأسك في الركوع، فقل: سمع اللَّه لمَنْ حمده، ربنا ولك الحمد ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بَعْدُ"، رواه الدارقطني، وهذا عام في جميع أحواله". انظر: "المغني"، لابن قدامة (١/ ٣٦٥، ٣٦٦).
(١) قال ابن القطان: "ولم يختلف أن المنفرد يجمع بين قول: "ربنا ولك الحمد"، و"سمع اللَّه لمن حمده". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (١/ ١٣٤).
وهذا اتفاق بينهم من حيث الجملة، لكن عند التفصيل نجد أن في المسألة خلافًا، وتوضيحه كالآتي:
أولًا: مذهب الأحناف: ذهب أبو حنيفة كما في رواية الحسن عنه، وصاحباه أبو يوسف ومحمد، وهو ما صححه صاحب "الهداية": أن المنفرد يجمع بين الذِّكْرين، لكن معتمد المذهب على أنه يكتفي بالتحميد، وهو ما رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة. انظر: "درر الحكام"، لمنلا خسرو (١/ ٧١)، وفيه قال: " (والمنفرد قيل: كالمقتدي)، يعني: يكتفي بالتحميد. قال الزيلعي: عليه أكثر المشايخ. وفي "المبسوط": هو الأصح؛ لأن التسميع حَثٌّ لمَنْ معَه على التَّحْميد، وليس معه غيره ليحثه عليه. (وقيل): المنفرد (يجمعهما)، أيْ: التسميع والتحميد، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة. قال صاحب "الهداية": هو الأصح.
قال الشرنبلالي في "الحاشية": " (قوله: والمنفرد. . . إلخ). أقول: حكى كلًّا من التَّصحيحين للقولين في "البحر"، ثم قال: وحيث اختلف التصحيح كما رأيت، فلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>