للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَلِيلِ الخِطَابِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ المَسْكُوتِ عَنْهُ خِلَاف حُكْمِ المَنْطُوقِ بِهِ) (١).

وَجْه استدلَالهم: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَأْمر بقول: "سَمع اللَّه لمَنْ حَمدَه"، في الوقت الذي قصد فيه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يوضِّح لنا كيفيَّة الائتمام، ولا سيما أنه أراد بيان ما يتفق فيه المأموم مع الإمام، وما يختلفان فيه.

قَوْله: (وَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يَقُولُ الإِمَامُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَيَجِبُ عَلَى المَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَ الإِمَامَ فِي قَوْلِهِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ" (٢).

هؤلاء قالوا بأنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اقتصر على: "ربنا لك الحمد"، لأنه كان يَجهر بـ "سمع اللَّه لمن حمده"، ويُسرُّ بـ: "ربنا لك الحمد"، فلا يسمعونه غالبًا، فنبَّههم عليه، فيجهر الإمام والمبلغ بكلمة التسميع إن احتيج إليه.


(١) قال القاضي عبد الوهاب: "ودليلنا على أن المأموم لا يقول: "سمع اللَّه لمن حمده": قوله -عليه السلام-: "إنَّما جُعِلَ الإمام ليؤتم به؛ فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا. . . "، إلى قوله: "وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد"، ففيه دليلان، أحدهما: أنه لم يقل: فقولوا: سمع اللَّه لمن حمده. والآخر: أنه قصد بيان وجه الائتمام به، وكيفيته، ومَيَّز ما يفعل فيه مثل فعلِهِ، وبما يفعل فيه بخلاف فعله، ولأنه أضاف إلى كلِّ واحدٍ لفظًا غير ما أضَافه إلى صاحبه، فالظاهر أنهما لا يَشْتركان فيه". انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (١/ ٢٤٥). وانظر في مذهب الأحناف: "التجريد"، للقدوري (٢/ ٥٢٨، ٥٢٩).
(٢) انظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (١/ ٥٠١)، وفيه قال: " (ويُسَن رفع يديه)، (قائلًا) في رفعه إلى الاعتدال: (سمع اللَّه لمن حمده)، ولا فرق في ذلك بين الإمام والمأموم والمنفرد، وخبر: "إذا قال الإمام: سَمِعَ اللَّهُ لمَنْ حَمده، فقولوا: ربنا لك الحمد"، أَوْ "ربنا ولك الحمد"، أي: مع ما علمتموه مِنْ (سمع اللَّه لمَنْ حمده)، وإنما اقتصر على (ربنا لك الحمد)؛ لأنه كان يجهر بـ (سمع اللَّه لمن حمده)، فتتبعه الناس، وكان يُسِرُّ بـ (ربنا لك الحمد)، فلا يسمعونه غالبًا، فنَبَّههم عليه، فيجهر الإمام والمبلغ بكلمة التسميع إن احتيج إليه". وانظر: "العزيز شرح الوجيز"، للرافعي (١/ ٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>