للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ، فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الإِمَامِ وَالمَأْمُومِ).

يَقْصد المؤلف أن حديث أنسٍ: "إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكَبِّروا، وإذا سَجَد فَاسْجُدُوا، وإذا رفَع فَارْفَعوا، وإذا قال: سَمع اللَّه لمَنْ حمدَه، فقولوا: ربنا ولك الحمد"، فيه: أن الإمام يقول: "سمع اللَّه لمن حمده" فقط، والمأموم يقول: "ربنا ولك الحمد" فقط.

وَحَديث ابن عمر: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا افتتح الصلاة، رَفَع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رَفَعهما كذلك أيضًا، وقال: "سمع اللَّه لمَنْ حمده، ربنا ولك الحمد".

وفيه أن الإمام يقول: "سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، فَمِنْ مَجْموع الحديثين، فإن الإمام يجمع بين الذِّكْرين، فيقول: "سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، والمأموم يقول: "ربنا ولك الحمد" فقط، وهذا هو مذهب الحنابلة كما سبق، وهذا هو مراد المؤلف من قوله: "مَن جَمَع بين الحديثين فَرَّق بين الإمام والمأموم"، وبيانه كما سبق: أن الإمام يجمع بين الذِّكْرَيْن، والمأموم يكتفي بقول: "ربنا ولك الحمد".

* قَوْله: (وَالحَقُّ فِي ذَلِكَ: أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ يَقْتَضِي بِدَلِيلِ الخِطَابِ أَنَّ الإمامَ لَا يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَأَنَّ المَأْمُومَ لَا يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَحَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ يَقْتَضِي نَصًّا أَنَّ الإِمَامَ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، فَلَا يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ النَّصُّ بِدَلِيلِ الخِطَابِ، فَإِنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الخِطَابِ) (١).


(١) انظر: "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب"، لخليل (١/ ٣٥٨)، وفيه قال: "والمشهور: أن الإمام يقول: (سمع اللَّه لمن حمده) فقط؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصَّحيح: "وإذا قال الإمام: سمع اللَّه لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد". (وقيل: مثله)، أي: مثل المنفرد في الجمع، وهو قول عيسى بن دينار وابن نافع، وقاله مالك أيضًا، واختاره عياض وغيره؛ لما ثبت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>