يَقْصد المؤلف أن حديث أنسٍ:"إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكَبِّروا، وإذا سَجَد فَاسْجُدُوا، وإذا رفَع فَارْفَعوا، وإذا قال: سَمع اللَّه لمَنْ حمدَه، فقولوا: ربنا ولك الحمد"، فيه: أن الإمام يقول: "سمع اللَّه لمن حمده" فقط، والمأموم يقول:"ربنا ولك الحمد" فقط.
وَحَديث ابن عمر: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا افتتح الصلاة، رَفَع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رَفَعهما كذلك أيضًا، وقال:"سمع اللَّه لمَنْ حمده، ربنا ولك الحمد".
وفيه أن الإمام يقول:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، فَمِنْ مَجْموع الحديثين، فإن الإمام يجمع بين الذِّكْرين، فيقول:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، والمأموم يقول:"ربنا ولك الحمد" فقط، وهذا هو مذهب الحنابلة كما سبق، وهذا هو مراد المؤلف من قوله:"مَن جَمَع بين الحديثين فَرَّق بين الإمام والمأموم"، وبيانه كما سبق: أن الإمام يجمع بين الذِّكْرَيْن، والمأموم يكتفي بقول:"ربنا ولك الحمد".
(١) انظر: "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب"، لخليل (١/ ٣٥٨)، وفيه قال: "والمشهور: أن الإمام يقول: (سمع اللَّه لمن حمده) فقط؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصَّحيح: "وإذا قال الإمام: سمع اللَّه لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد". (وقيل: مثله)، أي: مثل المنفرد في الجمع، وهو قول عيسى بن دينار وابن نافع، وقاله مالك أيضًا، واختاره عياض وغيره؛ لما ثبت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوله".