للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ الجُمُعَة: الِاسْتِيطَانُ عِنْدَهُ، حَدَّ هَذَا الجَمْعَ بِالقَدْرِ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَسْكُنُوا عَلَى حِدَةٍ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-) (١).

والجمهور كلهم يَشترطون في الجمعة: الاستيطان (٢)، فلا تجب على المسافر، وقد اشترط ذلك داود الظَّاهري، ونُقل عن الإمام الزُّهري -أحد التابعين- أنَّه قيد ذلك فيما إذا سمع المسافر النداء، وأمَّا جماهير العلماء؛ منهم الأئمة الأربعة: لا يُجِيبون الجُمُعَة على مسافر (٣).

* قوله: (وَأَمَّا مَنِ اشْتَرَطَ الأَرْبَعِينَ (٤)، فَمَصِيرًا إلى مَا رُوِيَ: أَنَّ هَذَا العَدَدَ كَانَ فِي أَوَّلِ جُمُعَة صُلِّيَتْ بِالنَّاسِ) (٥).


(١) ستأتي.
(٢) مسألة اشتراط الاستيطان سيأتي ذكرها في كلام المؤلف، والقول به هو مذهب الأكثرين. قال ابن قدامة: "فأما الاستيطان، فهو شرط في قول أكثر أهل العلم. وهو الإقامة في قرية، على الأوصاف المذكورة، لا يظعنون عنها صيفًا ولا شتاء، ولا تجب على مسافر ولا على مقيم في قرية يظعن أهلها عنها في الشتاء دون الصيف، أو في بعض السنة فإن خربت القرية أو بعضها، وأهلها مقيمون بها، عازمون على إصلاحها، فحكمها باق في إقامة الجمعة بها، وإن عزموا على النقلة عنها، لم تجب عليهم؛ لعدم الاستيطان". انظر: "المغني" (٢/ ٢٤٤، ٢٤٥).
(٣) سبق تفصيل هذا.
(٤) وهم الشافعية والحنابلة، كما سبق.
(٥) فهو من أدلتهم على ترجيح الأربعين.
انظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٤٠٩)، وفيه قال: "والدلالة على جماعتهم: ما روى محمد بن إسحاق عن كعب بن مالك: "أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة قال: رحم اللَّه أبا أمامة أسعد بن زرارة، فقلت: يا أبتِ إنك تترحم على أبي أمامة أسعد بن زرارة إذا سمعت النداء! فقال: نعم، إنه أول مَن صلى بنا الجمعة في حرة بني بياضة، في نقيع يقال له: نقيع الخضمات، فقلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: كنا أربعين رجلًا".
وموضع الدلالة من هذا: هو أن مصعب بن عمير قد كان ورد المدينة قبل ذلك بمدة طويلة، وكان في المسلمين قلة، فلما استكملوا أربعين أَمَرَ أسعد بن زرارة، فصلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>