للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ اقْتِرَانَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ بِصَلَاتِهِ مِمَّا يُوجِبُ كَوْنَهَا شَرْطًا فِي صَلَاةِ الجمعة اشْتَرَطَهَا، وَمَنْ رَأى بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ اشْتَرَطَ ذَلِكَ البَعْضَ دُونَ غَيْرِهِ).

هذه قضايا يختلف فيها العلماء، ويتضح ذلك عندما ننتقل إلى الخُطبة، أي: إلى الخطبتين في الجمعة، واتفاق العلماء عدا الحسن (١) على أنَّها شرط في الجمعة (٢).


(١) انظر: "المفهم"، لأبي العباس القرطبي (٧/ ١٣٠)، وفيه قال: "واختُلف في الخُطبة: هل هي شرط في صحة الجمعة أم لا؟ فكافة العلماء على أنها شرط، وشذَّ الحسنُ فرأي أن الصلاة تجزئ دونها، وتابعه أهل الظاهر في هذا، وحكاه ابن الماجشون عن مالك".
(٢) انظر في مذهب الأحناف: "بدائع الصنائع"، للكاساني (١/ ٢٦٢)، وفيه قال: "فالدليل على كونها شرطًا: قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، والخُطبة: ذكر اللَّه، فتدخل في الأمر بالسعي لها من حيث هي ذكر اللَّه، أو المراد من الذِّكر: الخطبة، وقد أمر بالسعي إلى الخطبة، فدل على وجوبها، وكونها شرطًا لانعقاد الجمعة، وعن عمر وعائشة -رضي اللَّه عنهما- أنهما قالا: "إنَّما قصرت الصلاة لأجل الخطبة"، أخبَرَا أن شطر الصلاة سقط لأجل الخطبة، وشطر الصلاة كان فرضًا فلا يسقط إلا لتحصيل ما هو فرض".
وانظر في مذهب المالكية: "المقدمات الممهدات"، لأبي الوليد بن رشد (١/ ٢٢٣)، وفيه قال: "وأما الخطبة فإنما هي شرط في صحة الجمعة، وذهب ابن الماجشون إلى أنها سُنَّة. والدليل على وجوبها: قول اللَّه -عز وجل-: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: ١١]، ومن شرطها: أن تكون قبل الصلاة".
وانظر في مذهب الشافعية: "الغرر البهية"، لزكريا الأنصاري (٢/ ١٧)، وفيه قال: " (وما شرطنا) من الشروط الخمسة السابقة (فمعه) شرط سادس، وهو (تقديم خُطبتين، أي: مِن قبل ما صلى) الجمعة للاتِّباع، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلي"، وهذا بخلاف العيد، فإن الخطبتين فيه مؤخرتان للاتِّباع؛ ولأن خطبة الجمعة شرط، والشرط مقدم على مشروطه".
وانظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٣١)، حيث قال: " (الرابع) من شروط الجمعة: (أن يتقدمها خطبتان)؛ لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، والذِّكر: هو الخطبة، فأمر بالسعي إليها، فيكون واجبًا، إذ لا يجب السعي لغير واجب، ولمواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهما؛ لقول ابن عمر: "كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب خطبتين =

<<  <  ج: ص:  >  >>