للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيعرض المؤلف لمسألة مهمة، وهي مسألة: هل يجوز أن تتعدد الجمعة في بلد واحد؟

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا البَابِ: هُوَ الِاحْتِمَالُ المُتَطَرِّقُ إلى الأَحْوَالِ الرَّاتِبة الَّتِي اقْتَرَنَتْ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ عِنْدَ فِعْلِهِ إِيَّاهَا -صلى اللَّه عليه وسلم- هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، أَوْ وُجُوبِهَا، أَمْ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصلِّهَا -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ وَمِصْرٍ وَمَسْجِدٍ جَامِعٍ).

هذا حصل، ولكن لا يدل على أنَّه شرط، وإنَّما هذا كان متحققًا في زمن الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم-، لذلك مثلًا نجد أنَّه في خلافة علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- كان فيما قبله كانت صلاة العيد تُقام في الصَّحراء، ومع ذلك لما شكا إليه بعض الناس أنَّه يوجد من بين الناس الضعفاء أَذِن لهم، أو ترك لهم أبا مسعود البدري يُصلي بهم في المسجد، وخرج بالنَّاس إلى الصحراء (١).

وقد رأينا أنَّ عثمان -رضي اللَّه عنه- زاد النداء الثاني -الذي هو الأول على الزَّوراء- عندما اتسعت المدينة، واقتضت الحاجة تلكم الزيادة (٢).


= قالوا: والجواب: أنه لم ينقل أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- علم بذلك فأقر عليه، فلا يثبت بفعل من فعلها حجة، ولأنها بلدة كبيرة معروفة بالبحرين، وتسميتها قرية لا يمنع أن تكون بلدًا، كتسمية مكة قرية؛ قال اللَّه تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ}. وأحتج عليهم الجمهور -أيضًا- بما روي عن كعب بن مالك أنه قال: "أول من جمع بنا أسعدُ بن زرارة في هزم النَّبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له: نقيع الخضمات. أجابوا، فقالوا: والجواب: أن الحرة من توابع المِصر، وتوابع المِصر تُقام فيها الجمعة عندنا". ذكر هذا القدوري في "التجريد" (٢/ ٩٢٠ - ٩٢٢).
(١) أخرجه النسائي (١٥٦١)، عن ثعلبة بن زهدم: "أن عليًّا استخلف أبا مسعود على الناس، فخرج يوم عيد، فقال: "يا أيُّها الناس، إنه ليس من السُّنَّة أن يُصَلَّى قبل الإمام"، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (١٥٦١).
(٢) سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>