للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا: "لا جمعة"، و"لا": نافية للجنس، و"جمعة" هنا: نفي قيام الجمعة، "لا جمعة، ولا تشريق"، أي: صلاة التشريق، لا جمعة ولا تشريق إلَّا في مِصر، والمِصر قالوا: يخرج القرية إلَّا في مِصر جامع، أي: يجمع الناس، لكن هذا حديث ضعيف، لا يصلح للاحتجاج به، وقد رأينا ما يعارضه، أنَّ ثاني جمعة أُقيمت في الإسلام كانت في قرية بالبَحرين؛ وتعرف (بجواثى) (١).

* قوله: (وَاشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ المِصْرَ وَالسُّلْطَانَ مَعَ هَذَا (٢)، وَلَمْ يَشْتَرِطِ العَدَدَ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا البَابِ: هُوَ الِاحْتِمَالُ المُتَطَرِّقُ إلى الأَحْوَالِ الرَّاتِبة الَّتِي اقْتَرَنَتْ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ عِنْدَ فِعْلِهِ إيَّاهَا -صلى اللَّه عليه وسلم-).

يُشير المؤلف إلى أنَّ القضية هنا قضية استقراء، يعني: الحنفية يقولون: صلاة الجمعة إنَّما أقامها الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المدينة، يعني: لم يقمها في قرية، وأقامها في مِصر جامع يجمع الناس ولم يُقمها في مكان آخر، إذًا باستقراء أحوال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نجد أنَّ جمعه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مدينةٍ في مِصْرٍ يجمع الناس، وكذلك خلفاؤه (٣).


(١) سبق ذكر هذا.
(٢) سبق ذكر اشتراط المصر، أمَّا اشتراط السلطان، فقال القدوري في "مختصره" (ص: ٣٩) "ولا تجوز إقامتها إلا بالسلطان أو من أمره السلطان". قال الجصاص: "وذلك لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي"، وكان فعله لها بإمام، فهو سلطان. وقد روى نحو قولنا عن الزهري وسليمان بن يَسَار، ورواه الحسن عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأيضًا: لما لم يجز لكل واحد من الناس فعلها منفردًا دون الاجتماع، أشبهت الحدود التي لما لزم الكافة إقامتها، لم يجز لكل واحد إقامتها ممفردًا قيام الإمام بها". انظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٢/ ١٢٥، ١٢٦).
(٣) سبق ذكر ذلك عن الأحناف، ولذلك لما احتج عليهم الجمهور بما رواه ابن عباس: "أن أول جمعة جُمعت في الإسلام بعد جمعة جمعت في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدنية جمعت جمعة بجواثى؛ قرية من قرى البحرين". =

<<  <  ج: ص:  >  >>