للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا المسافر ففيه خلاف، ومن العلماء مَن يرى وجوب الصلاة على المسافر إذا حضرها؛ مثل: الزُّهري، وهو أحد التابعين (١)، ورأينا مَن يوجبها عليه إذا توفر العدد، وهو داود الظَّاهري، ولا ننسى أنَّ داود الظاهري يرى أنَّ الجمعة تنعقد إذا اجتمع اثنان؛ أحدهما يكون إمامًا، والآخر مأمومًا (٢).

* قوله: (وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ؛ لِإِيجَابِهِمُ الجمعة عَلَى المُسَافِرِ (٣)، وَاشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ المِصْرَ (٤) وَالسُّلْطَانَ مَعَ هَذَا).

لماذا اشترط أبو حنيفة المِصر والسلطان؟

لأنَّه ورد في ذلك حديث: "لا جُمُعة ولا تشريق إلَّا في مِصر جامع". رُفع ذلك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥)، ووُقِف على علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- (٦).


(١) سبق.
(٢) سبق هذا كله.
(٣) سبق ذكره.
(٤) سبق ذكر هذا، وأنه خالف الجمهور الذين أجازوا انعقاد الجمعة في القرى.
(٥) ذكره مرفوعًا أبو عبيد، فقال: "في حديثه -عليه السلام-: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مِصر جامع"". انظر: "غريب الحديث" (٣/ ٤٥٢).
وذكر أبو يوسف أن أبا حنيفة ذكره مرفوعًا، فقال: "وزعم أبو حنيفة أنه بلغه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مِصر جامع"". انظر: "الآثار"، لأبي يوسف (ص ٦٠).
قال الألباني: "لا أصل له مرفوعًا فيما علمت، إلا قول أبي يوسف في كتاب "الآثار" له، وزعم أبو حنيفة أنه بلغه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: … "، فذكره مرفوعًا، وهذا وَهم، وإليه أشار أبو يوسف بقوله: "وزعم أبو حنيفة"، مع أنه إمام، على أنه معضل، وقد أشار إلى ما ذكرنا الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" بقوله: "غريب مرفوعًا، وإنما وجدناه موقوفًا على علي". انظر: "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (٩١٧).
(٦) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣/ ١٦٧)، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ قال: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مِصر جامع". قال البيهقي: "إنَّما يروى هذا عن عليٍّ -رضي اللَّه عنه-، فأما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه لا يُروى عنه في ذلك شيء"، وصححه الألباني موقوفًا. انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>