للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، نقول: هو أحد الشروط التي أضافها العلماء إلى الجمعة (١). ولكننا نقول: لا فرق بين أن يكون في مدينة أو قرية (٢)، فالمدن ليست محل خلاف، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه أقاموا الجمعة في هذه المدينة وفي غيرها، وأيضًا نجد أنَّ اللَّه -سبحانه وتعالى- أطلق على بعض المُدن قُرى؛ كمكة، قال تعالى: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ} [الشورى: ٧]، وقد تكرر ذلك في آيات عديدة من كتاب اللَّه -عز وجل-، إذًا الاستيطان شرط، لكن لا فرق بين أن يكون في مدينة أو قرية.

* قوله: (وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ الاسْتِيطَانُ، فَإِنَّ فُقَهَاءَ الأَمْصَارِ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الجمعة لَا تَجِبُ عَلَى المُسَافِرٍ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ) (٣).


(١) انظر في مذهب الأحناف: "المبسوط"، للسرخسي (٢/ ٢٢)، وفيه قال: "أما الشرائط في المصلي لوجوب الجمعة فالإقامة. . . ".
انظر في مذهب المالكية: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٧٣)، وفيه قال: "باستيطان بلد، أو أخصاص لا خِيَم. (ش) الباء للمعية، أي: شرط صحة الجمعة وقوع كلها بخطبتها في وقت الظهر إلى الغروب مع الاستيطان، وهو العزم على الإقامة على نية التأبيد، ولا تكفي نية الإقامة ولو طالت".
وانظر في مذهب الشافعية: "المُهذب"، للشيرازي (١/ ٢٠٧)، وفيه قال: "ولا تصح الجمعة إلا في أبنية مجتمعة يستوطنها مَن تنعقد بهم الجمعة في بلد أو قرية؛ لأنه لم تقم الجمعة في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا في أيام الخلفاء إلا في بلد أو قرية، ولم ينقل أنها أقيمت في بدو".
وانظر في مذهب الحنابلة: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (١/ ٧٦٣، ٧٦٤)، وفيه قال: " (الثاني: استيطان أربعين) رجلًا (ولو بالإمام من أهل وجوبها)، أي: الجمعة؛ لما روى أبو داود عن كعب بن مالك قال: "أول مَن صلى بنا الجمعة في نقيع الخضمات أسعدُ بن زرارة، وكنا أربعين"، ولم ينقل عمن يقتدى به أنها صُلِّيت بدون ذلك. . . (استيطان إقامة لا يظعنون)، أي: يرحلون (عنها صيفًا و) لا (شتاء)؛ لأن ذلك هو الاستيطان، (فلا) تجب. ولا تصح (جمعة ببلدة يسكنها أهلها بعض السنة دون بعض)؛ لعدم الإقامة".
(٢) هذا مذهب الجمهور خلافًا لأبي حنيفة كما سبق.
(٣) سبق بيان هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>