نقل أنه قال: لا يستحب مسحهما. ولم يقل به أحد، بل العلماء أجمعوا على استحباب مسحهما.
لكن قد يُوجد خلافٌ يسير ويعتبره بعض العلماء خلافًا نادرًا في وجوب المسح، أما العلماء الذين يُعتَدّ بخلافهم وإجماعهم فإنهم قد أجمعوا على استحباب مسحهما وعدم وجوبه، لذا عندما يرد قوله إسحاق بن راهويه يرد بأن الإجماع على عدم وجوب مسحهما، وأنه منعقد قبل إسحاق، فخلافه إذن لا يُعْتَدّ به في مثل هذا المقام، فعدوه خلافًا شاذًّا.
وهناك كلمة طيبة ذكرها الإمام النووي (١) عندما ذكر استحباب مسح الأذنين، ثم ذكر رأي الشيعة وأنهم لا يستحبون ذلك ويقولون: إن هذه زيادة على ما في الكتاب، إذ الله تعالى يقول:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ولم يَرِد ذكر للأذنين. إذن هو غير مستحب.
قال: لو تطوعنا في الردّ عليهم لرددنا عليهم بأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام الكثيرة جدًّا، كحديث عبد الله بن زيد، وحديث عثمان، وحديث عليّ، وحديث الربيع التي نقلت لنا صفة وضوء الرسول عليه الصلاة والسلام؛ كلُّها ورد فيها أن الرسول عليه الصلاة والسلام مسح أذنيه أو مسح بأذنيه، كل ذلك ثبت. والأحاديث هي بيان لكتاب الله - عز وجل - وتفسير لمجمله. فهذا خلاف شاذّ لا ينظر إليه.
لا نستطيع أن نعرف كيف سَوَّى المؤلف بين القولين بقوله: "هل هو
(١) يُنظر: "المجموع" للنووي (١/ ٤١٦)؛ حيث قال: "وحكى القاضي أبو الطيب وغيره عن الشيعة أنهم قالوا: لا يستحب مسح الأذنين؛ لأنه لا ذكر لهما في القرآن، ولكنَّ الشيعة لا يُعتد بهم في الإجماع، وإن تبرَّعنا بالرد عليهم فدليله الأحاديث الصحيحة، والله أعلم".