للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فَمَسْحهما مع الرأس دليلٌ على أنَّهما عضوٌ واحدٌ؛ إذ لو كانت الأذنان عضوين مستقلين لَمَا مُسِحَا مع الرأس، فَكَان مسحهما مع الرأس دليل على أنهما عضوٌ واحدٌ.

الدليل الثاني: حديث عبد الله بن عباس، وهو أيضًا حديث صحيحٌ: "أن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - مسح رأسَه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما" (١).

قالوا: فذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ الرسول - عليه الصلاة والسلام - مسح رأسه وأُذُنيه .. وهذا دليلٌ على أنَّ المسح كان واحدًا، ثم بيَّن وفصَّل ذلك، فقال: "ظاهرهما وباطنهما".

الدليل الثالث: حديث المقدام بن معدي كرب: "أن الرَّسُول - عليه الصلاة والسلام - مَسَح برأسه وأُذُنيه، ثم أدخل إصبعيه في صماختي أذنيه" (٢)، فَحَديث المقدام زادنا تفصيلًا.

أدلة المذهب الثاني (الشافعية) الذين قالوا: إنَّ الأذنين ليستا من الرأس؛ لما ورد في الحديث الصحيح من بعض روايات حديث عبد الله بن زيدٍ وغَيْره: "أنَّ الرَّسُول - عليه الصلاة والسلام - أخَذ لهما ماءً جديدًا".

وَجْهُ الدلالة: أنَّ كونه - صلى الله عليه وسلم - أخذ لهما ماءً جديدًا، دليل على أنهما عضوان مستقلان لا يرتبطان بالرأس؛ لأنهما لو كانتا تابعتين للرأس لَمَا كُرِّرَ أَخْذُ الماء لهما لمسحهما مع الرأس.

ولهم تعليلٌ معروفٌ قد يكون فيه غرابة، بأنهم يجيبون عن الأحاديث التي استدل بها الجمهور، والتي فيها: "أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه وأُذُنيه مرةً واحدةً"، ويقولون: لعلَّه أخذ الماء بيديه.

ويرون المسح ببعض الأصابع، فيقولون: مسح بأصبعين، وترك


(١) أخرجه الترمذي (٣٦)، وصححه الأَلْبَانيُّ.
(٢) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>