للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلف الصالح، لا شكَّ أنها تترك أثرًا طيِّبًا، وهذا من حِكَم خطبة يوم الجمعة.

* قوله: (أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ" (١)، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ فَلَا أَعْلَمُ لَهُمْ شُبْهَةً إِلَّا أَنْ يَكُونُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ عَارَضَهُ دَلِيلُ الخِطَابِ (٢)).

نقول: إن المؤلف لم يدرك حقيقة مذهبهم، وقوله: "ليس لهم شبهة" غير مُسلَّم؛ فهم يستدلُّون بالأدلة التي ذكرنا، وأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لما تكلم وكلمه الأعرابيان وكلم الذي دخل ولم يُصَلِّ (٣) على عدم وجوب الإنصات، لكننا نقلناها وبيَّنَّا أنها خاصة بالإمام، وهذا الفريق يقول: لا، هي عامة، لماذا تخصصون الإمام، وهذا نص حديث ينبغي أن يكون دليلًا، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (٤).

* قوله: (فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤]، أَيْ: أَنَّ مَا عَدَا القُرْآنَ فَلَيْسَ يَجِبُ لَهُ الإِنْصَاتُ، وَهَذَا فِيهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) دليل الخطاب هو: "أن يعلق الحكم على إحدى صفتي الشيء، فيدل على أن ما عداها بخلافه؟ كقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ}، فيه دلالة على أن العدل إن جاء بنبإ لم يتبين". انظر: "الفقيه والمتفقه"، للخطيب البغدادي (١/ ٢٣٤).
(٣) سبق هذا.
(٤) سبق بيان هذا كله.
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، معناه: عند الفقهاء والأصوليين الاستدلال بظاهر العموم وإن كان في غير مورد سببه. انظر: "تهذيب الفروق"، لمحمد بن علي (١/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>