للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن يظل هذا المصلِّي دائمًا في حالة مغفرة، وما أسعد من يغفر اللَّه سبحانه وتعالى ذنوبه ويتجاوز عن سيئاته ويرفع عنه خطاياه! وهذه هي السعادة، وهذا هو الفوز الذي يسعى إليه كلُّ مسلم، فيوم الجمعة كلُّه فضل، وسنتكلم عن مزيد من ذلك عندما نأتي إلى اختلاف العلماء في المراد بساعات يوم الجمعة.

ننتهي من هذا إلى تأكيد غسل الجمعة، وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتركه، لا لأنه واجب، ولكن لما فيه من فضل عظيم، ونحن في هذه الحياة نسعى ونشغل أنفسنا، وربما نَصِلُ كَلالَ الليل بكَلالِ النهار (١)، بحثًا عن متاع الدنيا وزخارفها، وفي أمور الآخرة لم يكلفنا اللَّه سبحانه وتعالى ما يشقّ علينا، بل ما أوجبه علينا إنما هو أمر يسير جدًّا بالنسبة إلى ما وهبَنا من النعيم العظيم والنِّعم التي نتقلب فيها ليلَ نهارَ، وهذه النِّعمُ تقتضي منا أن نشكره سبحانه وتعالى! وكم وهبنا من عطايا؛ من صحة وعافية، وسيأتي في الأحاديث التي سنتكلم عنها أنه ينبغي للمرء يوم الجمعة أن يخرج متنظفًا، كحديث رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي يبين أن الإنسان لا يقتصر على ثياب مهنته، فيقول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته" (٢). فكم لدينا اليوم من الثياب! وكم لدينا من النعم! وكم لدينا من الفضائل التي أنعم اللَّه سبحانه وتعالى بها علينا، مما لم ينله ممن سبقوا ممن جاهدوا في سبيل اللَّه وتحملوا المشاق والنصب والتعب، فنعم اللَّه سبحانه وتعالى علينا كثيرة، وهذه النعم تستوجب أن نشكره سبحانه وتعالى.

ونحن في شكرنا لنعم اللَّه سبحانه وتعالى وفي أدائنا لما يجب علينا، وفي أدائنا


(١) "كللت"، أي: أعييت. انظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٨١١).
(٢) أخرجه بهذا اللفظ ابن ماجه (١٠٩٥)، عن عبد اللَّه بن سلام. وصححه الألباني في: "مشكاة المصابيح" (١٣٨٩).
وأخرجه أبو داود (١٠٧٨)، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما على أحدكم إن وجد -أو ما على أحدكم إن وجدتم- أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة، سوى ثوبي مهنته". وصححه الألباني في: "صحيح أبي داود - الأم" (٩٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>