للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمَّة واجب اختياريّ، فقد تُقابِل صديقًا لك أو زميلًا، فيخاطِبُك في أمرٍ ما، أو يناقِشُك في قضيَّةٍ، أو يقول: يا أخي، حصل منك كذا، فتقول: لك عليَّ حق واجب؛ فلا واجب عليك حقيقة، لكنَّ هذا تقديرٌ لزميلك، إذن قد ألزمتَ نفسك بهذا الحق، والتزمت به، وهناك واجبٌ إلزامي، وهو الذي أوجبه عليك الشرعُ.

ويؤول هذا الحديث؛ لوجود الأدلة الأخرى التي تصرفه عن الوجوب، وقد بينت أن القصد من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غسل يوم الجمعة واجبٌ على كلِّ محتلم" تأكيد الغسل (١). ومما يدلُّ على فضله أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهوره ويدهن من دهنه ويمسُّ من طيب بيته ثم يخرج لا يفرق بين اثنين"، القصد ألا يشوش على الناس، فيقطع رقابهم أثناء مروره عليهم، "ثم يصلي ما كتب له أن يصلي"، فيصلي تطوعًا قبل أن يدخل الإمام، "ثم ينصت"، يعني: للخطبة، "غُفِر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" (٢).


= وانظر في مذهب المالكية: "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (٢/ ١٠٩)، حيث قال في جماعة الجمعة: "وصنف لا تجب عليهم ولا تنعقد بهم وهم الصبيان لا تجب عليهم واختلف هل تنعقد بهم أم لا وهم النساء والعبيد والمسافرون".
وانظر في مذهب الشافعية: "حاشية الجمل على شرح المنهج" (١/ ٥٠٢)، وفيه قال: " (قوله وهي لغيرهم سنة) من المعلوم أن الغير هنا هو النساء والخناثى والأرقاء والمسافرون والعراة بشرطه فهي سنة في حق هؤلاء الأصناف لكن سنيتها في حق غير النساء والخناثى ممن ذكر آكد من سنيتها لهما، وينبني على هذا أن غيرهما يكره له تركها بخلافهما فلا يكره لهما تركها اهـ".
وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٢٥٩)، وفيه قال: " (على الرجال) لا النساء والخناثى (الأحرار) دون العبيد والمبعضين (القادرين) عليها دون ذوي الأعذار (ولو سفرًا في شدة خوف) لعموم الآية السابقة".
(١) قال البهوتي: "قوله "واجب"، أي: متأكد الاستحباب. ويدل لعدم وجوبه، ما روى الحسن عن سمرة بن جندب أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَن توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومَن اغتسل فالغسل أفضل". انظر: "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٨٣).
(٢) أخرجه البخاري (٨٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>