للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْتُونَ الجُمُعَةَ مِنَ العَوَالِي فِي زَمَانِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١) وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ مِنَ المَدِينَةِ"، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "الجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ" (٢). وَرُوِيَ: "الجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ" (٣). وَهُوَ أَثَرٌ ضَعِيفٌ).

هذه الأحاديث كلُّها -كما ذكرنا- فيها مقال، والحنفية لا يرون وجوب الجمعة أصلًا إلا في مصر جامع، ويستدلون بالحديث، وهو ضعيف أيضًا، وقد سبق أن ناقشنا هذه المسألة (٤).

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي فَضْلِ الرَّوَاحِ).

شرع المؤلف الآن في مسألة أُخرى مهمة جدًّا، ويقصد بها الرواح للجمعة، ومعلوم أن الغالب والمشهور في لغة العرب أن الرواح يُطلَق على ما بعد الزوال (٥)، ولذلك جاء في الحديث الصحيح أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو أنكم توكَّلون على اللَّه حقَّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا" (٦). تغدو خماصًا، أي: تذهب في وقت الغدو، وهو الصباح، وتروح بعد الزوال في المساء (٧).


(١) أخرج البخاري (٩٠٢)، ومسلم (٨٤٧/ ٦)، عن عائشة، زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي، فيأتون في الغبار يصيبهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنسان منهم وهو عندي، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) سبق.
(٥) "الرواح": نقيض الصَباح، وهو اسمٌ للوقت من زوال الشمس إلى الليل. انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٣٦٨).
(٦) أخرجه الترمذي (٢٣٤٤). وصححه الألباني في: "السلسلة الصحيحة" (٣١٠).
(٧) "معنى الحديث"، أي: تغدو بكرة وهي جياع، وتروح عشاء وهي ممتلئة الأجواف. انظر: "النهاية"، لابن الأثير (٢/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>