للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعمل إذا كثُر وكان صوابًا كان أجرُه وثوابه عظيمًا، وإذا كان على غير الصواب فربما يرجع صاحبه بوزر، وإن قلَّ إخلاص الإنسان في هذا العمل فأجره أيضًا يقلُّ (١). وهذه أيضًا فضيلة أُخرى نضيفها إلى الفضائل العظيمة التي مرت بنا في يوم الجمعة، فكم مرَّ بنا مما تفضل اللَّه به سبحانه وتعالى على عباده!

واللَّه سبحانه وتعالى يدعونا إلى فعل الخيرات، وإلى المسارعة فيها؛ لنحصل على الثواب الجزيل، والعطاء الكبير منه سبحانه وتعالى.

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً" (٢)).

كلَّما تأخَّر الإنسان قلَّ ما يناله من الأجر؛ لأنه يأخذ من الأجر على قدر تقدُّمه، فإن كان من السابقين الأوائل نال الجائزة الأولى، ثم الثانية، وهكذا، وهذا فيه طلب المسارعة والاستباق إلى التبكير يوم الجمعة.

* قوله: (وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً).

أكثر الذين يأتون بعد انتهاء هذه الساعات؛ سواء كانت الخمس على الرواية المتفق عليها، أو على أنها ست ساعات، على الروايتين اللتين أشرنا إليهما، فكثير من الناس يتأخرون، ولا نقول كل الناس؛ فمن المؤمنين بحمد اللَّه مَن يسابقون ويسارعون إلى فعل الخيرات، وليس فقط في الإسراع إلى الصلاة، وإنما لهم أعمال عظيمة يتسابقون فيها، وقد


(١) انظر: "جامع العلوم والحكم"، لابن رجب (١/ ٧٢)، وفيه قال: "قال الفضيل: إن العمل إذا كان خالصًا، ولم يكن صوابًا لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا، ولم يكن خالصًا، لم يُقبَل حتى يكون خالصًا وصوابًا، قال: والخالص إذا كان للَّه عز وجل، والصواب إذا كان على السُّنة. وقد دلَّ على هذا قول اللَّه عز وجل: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} ".
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>