للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ندرس كتاب الحج، وسنعود إليه إن شاء اللَّه في وقته، ثم هكذا نجد أنه كلَّما تأخَّر الإنسان قل أجره، وفي هذا أيضًا دليل على أن العمل كلَّما كان أكثر كان الفضل والأجر أكثر، لكن ليس هذا على الإطلاق، فينبغي أن يصحب العملَ الإخلاصُ للَّه سبحانه وتعالى فإذا ما تساوى اثنان في الإخلاص في العمل، لكن عمل أحدهما أكثر من الآخر، فإنه ينال -بلا شكٍّ- فضلًا أعظم، لكن قد يعمل الإنسان العمل الكثير فيدخله الرياء أو السمعة وحينئذ لا ينال فيه ثوابًا، وقد يدخلها نوع من التقصير، فيقل ثواب المرء. ولنضرب مثلًا في ذلك بشخصين جاءا إلى الصلاة، التزم أحدهما قول اللَّه سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١، ٢] فخشع قلبه، وخشعت جوارحه، وآخَر لم يؤدِّ ما في هذه الآية بكلِّ معناها، ولا شكَّ أن الأجر هنا يتفاوت، فهذا قد خشع وذلَّ وانقاد لطاعة اللَّه سبحانه وتعالى، وانصرف قلبه عن كل ما يشغله عن طاعة ربه، وذاك خالطه شيء من التفكير والانشغال بأموال الدنيا وببنيه وبغير ذلك، فلا شك أن الصور تختلف (١).


= وانظر في مذهب المالكية: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٣٧٨)، وفيه قال: " (ص) وندب إبل فبقر. (ش) قد علمت أن الهدي على الترتيب، فإذا وجب فالأفضل فيه أن يكون من الإبل؛ لأن "النبي عليه الصلاة والسلام كان أكثر هداياه الإبل وضحى بكبشين"، ثم البقر ثم الغنم؛ لأن الأفضل في باب الهدايا كثرة اللحم عكس باب الضحايا".
وانظر في مذهب الشافعية: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٥٣٦)، وفيه قال: " (وأفضلها البدنة، ثم البقرة، ثم الضأن، ثم المعز)، ثم شرك من بدنة، ثم من بقرة اعتبارًا بكثرة اللحم غالبًا ولانفراده بإراقة دم فيما قبل الشرك وفي "الصحيحين" في الرواح إلى الجمعة تقديم البدنة، ثم البقرة، ثم الكبش".
وانظر في مذهب الحنابلة: "الهداية"، للكلوذاني (ص: ٢٠١)، وفيه قال: "أفضل الهدايا الإبل، ثم البقر، ثم الغنم". وانظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٤٦٢).
(١) وفي هذا المعنى الحديث الذي أخرجه أبو داود (٧٩٦)، وغيره، عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها". وحسنه الألباني في: "صحيح أبي داود - الأم" (٧٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>