يقول اللَّه سبحانه وتعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء: ١٠١]، والقصد بالضرب هنا إنما هو السفر (١)، والضرب في الأرض يختلف، فمن الناس من يسافر في طاعة للَّه سبحانه وتعالى، إما حاجًّا أو معتمرًا أو مجاهدًا أو مسافرًا لطلب العلم، والاشتغال به، ومنهم مَن يضرب في الأرض؛ لطلب أمر مباح، كأن يشتغل بالتجارة، وأيضًا من الضرب في طاعة اللَّه الاشتغال في الدعوة، والتنقل في بلاد المسلمين، لدعوة الناس للخير، وغير ذلك.
ومن الناس مَن يسافر أيضًا في أسفار مباحة، كأن يذهب للصيد، أو للنزهة وغيرها، ومن السفر ما يكون لمعصية اللَّه، وسيأتي اختلاف العلماء فيمَن سافر في معصية اللَّه، كمن سافر ليسرق، أو يقطع الطريق، أو ليزني، أو ليؤذي المؤمنين، فهل هذا يقصر صلاته أو يجمع بين الصلاتين؟
سيأتي الكلام فيه إن شاء اللَّه، وهو مما تناوله المؤلف، وسنقف عنده إن شاء اللَّه في موضعه.
قال المصنف رحمه اللَّه تعالى:
(١) قال الماوردي: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: سرتم؛ لأنه يضرب الأرض برجله في سيره كضربه بيده، ولذلك سُمِّيَ السفر في الأرض ضَرْبًا. انظر: "النكت والعيون" (١/ ٥٢٢، ٥٢٣).