للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت تتم، سألها عن ذلك فقالت: "إنني لا أجد مشقة" (١). ومعلوم أن التخفيف في السفر في الشريعة إنما هو للمشقة أو مظنة المشقة، وليس تحقُّقِها.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: فِي حُكْمِ القَصْرِ).

تكلمنا عن حكم القصر فيما مضى، وألمحنا إليه آنفًا، وسنزيده بيانًا.

* قوله: (وَالثَّانِي: فِي المَسَافَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا القَصْرُ).

هل هناك مسافة محددة ينبغي أن يقصر فيها الإنسان الصلاة، أي: إذا أراد الإنسان أن يسافر سفرًا هل يشترط في السفر أن يكون طويلًا؟ أم أن أيّ سفر تقصر فيه الصلاة؛ لأن النصوص الشرعية جاءت مطلقةً في ذلك؟

* قوله: (وَالثَّالِثُ: فِي السَّفَرِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ القَصْرُ).

ما هو السفر الذي تقصر فيه الصلاة؟ هل كلُّ سفر من الأسفار؟ فهناك مَن يسافر قربةً للَّه سبحانه وتعالى، وقد يكون أداء المسافر لهذه القُربة واجبًا؛ كمن يسافر لأداء ركن الحج، أي: الذي لم يحج قبل ذلك، وكذلك أيضًا مَن يؤدي العمرة في حالة وجوبها، يعني: قبل أن يؤدي الواجب الذي عليه، وقد يكون السفر مندوبًا؛ كالجهاد، وكالسفر في طلب العلم، والدعوة إلى اللَّه سبحانه وتعالى، هذه كلها من الأمور التي يتقرَّب بها المسلم إلى اللَّه سبحانه وتعالى، ولا شكَّ أن من أجلِّ القربات أن يسافر الإنسان في طلب


(١) أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٠٤)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- "أنها كانت تصلي في السفر أربعًا، فقلت لها: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي، إنه لا يشق علي".

<<  <  ج: ص:  >  >>