للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَدْ شَذَّ قَوْمٌ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُمَا يُغْسَلَانِ مَعَ الوَجْهِ) (١).

الذي قال بأن الأذنين تغسلان مع الوجه إنما هو الزهري، وأوردنا دليله في ذلك، وهو غير موجودٍ في الكتاب، وهو يستدل بأحاديث: "سَجَد وجهي لله الذي خلقه وصوَّره وشقَّ سمعه وبصره"، وبأنَّ الوجه تَحصُلُ به المواجهة، والأذنين تحصل بهما المواجهة، هذا هو تعليله.

الرد عليه: إنَّ الجوابَ عن ذلك أنَّ هذا الحديث صحيح، لكن الجواب عنه أن المراد بالوجه هنا الذات أو جملة الجسم، ولذلك نجد أن السُّجُودَ لا يقتصر على الوجه، وإنما كما ورد في الحديث الصحيح: "أُمِرْتُ أن أسجدَ على سبعة أعضاء"، وقد فصَّلنا القول في ذلك.

وأما الَّذين قالوا بأن ما أقبل منهما مع الوجه، وما كان في ظاهر الأُذُن، فهو من الرأس، فهو قول الشعبي والحسن بن صالح، واستدلا بأثرٍ عن عليِّ بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه-، وبيَّنَّا أنه ضعيفٌ.

* قوله: (وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنْ يُمْسَحَ بَاطِنُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ، وَيُغْسَلَ ظَاهِرُهُمَا مَعَ الوَجْهِ (٢)، وَذَلِكَ لِتَرَدُّدِ هَذَا العُضْوِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنَ الوَجْهِ، أَوْ جُزْءًا مِنَ الرَّأْسِ).

الَّذين قالوا بأنه جزءٌ من الوجه وِجْهَتُهُم: أنه تحصل به المواجهة، والحديث الذي أوردنا أنه لما جاء الحديث: "سَجَد وجهي لله الذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره" (٣)، فقال: أضاف السمع إلى الوجه كما أُضِيفَ إليه البصر، فدلَّ على استوائِهِما وانتسابهما إلى الوجه مما يدلُّ على


(١) يُنظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ١٢٠)؛ حيث قال: "وهو قول ابن سيرين والزهري أنهما من الوجه يُغْسلان معه".
(٢) يُنظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ١٢٠)؛ حيث قال: "وهو قول الشعبي أنَّ ما أقبل منهما من الوجه يُغْسل معه، وما أدبرَ منهما من الرأس يُمْسَح معه".
(٣) أخرجه مسلم (٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>