للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث: "رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان … ".

السبب الخامس: الجهل، فالجَهَلَة مخففٌ عنهم، ولعلكم تذكرون حديث أمية بن الحكم السلمي عندما عطس شخصٌ فشمَّته، فأخذ الصحابة يحاولون إسكاته، ويضربون بأيديهم على أفخاذهم يصمتونه، لكنه ظل كذلك ثم صمت … إلى أن قال: فما وَجَدتُ معلمًا أحسن من رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما كَهَرنِي، ولا ضَرَبني، ولا شتمني، ثمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ" (١).

إذًا، الجهل له حكمٌ، وهل الجهل أيضًا يمتد أو لا؟ أو أنه في أول الأمر، هذا فيها تفصيلٌ أيضًا للعلماء رحمهم الله.

السبب السادس: النقص: والنقص أيضًا لاحظته الشريعة الإسلامية، فالمجنون والصغير رُفِعَ عنهم القلم، وكذلك النائم، قال عليه الصلاة والسلام: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يُفِيقَ، وعن الصبي حتى يبلغ" (٢).

وكذلك المرأة خُفِّفت عنها بعض الأحكام، فلَا تَجب عليها جماعةٌ، ولا جمعة … إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة، ورُخِّصَ لها في استعمال بعض الأمور كالذهب وغيره، كذلك نجد المملوك قَدْ خَفَّفت الشريعة الإسلامية عنه، فجعلت الحدَّ إلى نصفِهِ، وكذلك العدة.

السبب السابع: العُسْر: فبعض القُرُوح التي تُوجَد في بدن الإنسان، والطين الذي يصيب ثيابك وأنت تمشي في الشوارع، والدَّواب التي توجد في الطعام، قد خَفَّفت الشريعة عنَّا هذه الأمور، وهذا تَيْسير من الله سبحانه وتعالى، وهو دليل على سماحة هذه الشريعة.

هذه قضايا هامة جدًّا، لا نستطيع تفصيلها، كلها ترجع إلى قضية "المشقَّة تجلب التيسيرَ"، وهي مَسَائلُ مهمةٌ في هذه الشريعة الإسلامية.


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>