الناس من تجد من أعمالهم ما يخالف أقوالهم، ومن أقوالهم ما يخالف أعمالهم، فهذه تنقص من حسناتهم، وبعض الناس تجد أنه يحافظ على الفرائض وربما على السنن الرواتب، لكنك تراه في صلاته خاشعًا ذليلًا منقادًا للَّه سبحانه وتعالى لأنه يعلم أنه يناجي ربَّ البرية، وتجد بعض الناس في صلاتهم مشغولًا ذهنه، يذهب هنا أو هنا مرةً يسبح في الفضاء، ومرة في الأرض، ومرة في البحر، يتتبع تجارته وأمواله، وينشغل بأولاده وغير ذلك من الأمور، وقد يفكر في أمور تافهة.
إذن ما كان من العمل صوابًا، فهذا الذي يكون أجره أعظم، ولذلك يقول اللَّه تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١، ٢]، {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[الملك: ١] إلى أن قال: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك: ٢] ما قال: أكثر عملًا.
وما يقصده المؤلف بصيغة اللفظ المنقول:"فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر"(١)، فهذا هو اللفظ المنقول، وأيضًا الآية:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}، وغير ذلك من الأدلة التي جاءت في القصر والتي رويت من أفعال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي كثيرة.
فهذه ثبتت، إذن هناك أمر معقول يديره الإنسان في عقله، أليس هاتان الاثنتان أصلهما أربعًا، إذن العقل يقتضي أن الأربع أفضل، وإنما هذا تخفيف.