للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ المَعْقُولِ لِصِيغَةِ اللَّفْظِ المَنْقُولِ).

من المعلوم أن هناك معنى معقولًا، ونصوصًا، فقد نجد أن الأصل في الصلاة المقصورة أنها أربع، فعندما تقصرها إلى اثنتين، فمن جهة المعنى المعقول أيهما يكون أفضل، هل أن تأتي بالأصل الذي هو أربع؟ أو بالاثنتين؟

ومن المعلوم أن الدين ليس بالرأي، وبذلك قال عليٌّ -رضي اللَّه عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه" (١)؛ لأن أسفل الخف هو الذي يتلوث، وهو الذي يطأ الأرض، والذي ربما يقع على النجاسات وغيرها، أولى بأن يمسح، لكن هذا هو شرع اللَّه، فشريعة اللَّه تقدَّم، ولذلك إذا قالوا: المنقول، فالمقصود به ما جاء في كتاب اللَّه عز وجل، وفي سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويقصدون بالمعقول القياس في مقدمة هذه الأمور المعقولة، أي: التي تقوم على فهم الإنسان وإدراكه، فهناك أمور معقولة.

والأصل أنك عندما تصلي أربعًا فقد جئت بالصلاة المعروفة، ولذلك فإن عبد اللَّه بن مسعود بيَّن هذه العلة فقال: "صلَّيتُ مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتين في السفر، ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين، فتفرقت بكم الطرق، ووددت أن لي من أربع ركعتين متقبلتين" (٢).

إذن ليست المسألة بكثرة العمل، فقد نجد من الناس مَن يكون عمله قليلًا، لكنه يتقن هذا العمل، ويصحبه الإخلاص والنية الصادقة، فيكون ثوابه عظيمًا، وكم من أناس يُكثرون الأعمال على غير إخلاص، ومن


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرج البخاري (١٦٥٧)، واللفظ له، ومسلم (٦٩٥/ ١٩)، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: "صليت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتين، ومع أبي بكر -رضي اللَّه عنه- ركعتين، ومع عمر -رضي اللَّه عنه- ركعتين، ثم تفرقت بكم الطرق، فيا ليت حظي من أربع ركعتان متقبلتان".

<<  <  ج: ص:  >  >>