للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَهَذَا كلُّهُ يَدُلُّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَالرُّخْصَةِ وَرَفْعِ الحَرَجِ، لَا أَنَّ القَصْرَ هُوَ الوَاجِبُ، وَلَا أَنَّهُ سُنَّةٌ).

يعني: المؤلف في النهاية سيعود إلى ما دلَّت عليه النصوص.

إذن لا شكَّ أن ما في الآية وما في الأحاديث تخفيف، هذا أمر لا يُختلَف فيه، واللَّه تعالى قد خفَّف عن عباده، وكثير من آيات القرآن وأحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- تدلُّ على ذلك فاللَّه سبحانه وتعالى عندما يشرع حكمًا من الأحكام، يذكر بعده علته إذا خفف على الناس، قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: ٢٨]، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

وكذلك لما ذكر اللَّه سبحانه وتعالى الوضوء والتيمم، قال: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٦].

فنجد أن اللَّهَ سبحانه وتعالى عندما يخفف على المؤمنين يمتن عليهم، ويبين لهم أيضًا أنه عندما يسَّر لهم هذا الحكم إنما أراد أن يخفِّف عنهم، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦].

* قوله: (وَأَمَّا الأَثَرُ الَّذِي يُعَارِضُ بصِيغَتِهِ المَعْنَى المَعْقُولَ، وَمَفْهُومَ هَذِهِ الآثَارِ، فَحَدِيثُ عَائِشَةَ الثَّابِتُ بِاتِّفَاقٍ قَالَتْ: "فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) (١).

وهذا أيضًا يرد مفهوم العقل؛ لأن فيها أن الصلاة فُرِضت "ركعتين ركعتين".


(١) أي: أن هذا الأثر وهو أن القصر أصل الصلاة يرد المعقول من أن الإتمام هو الأصل؛ لأنه الأكمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>