للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الحَضَرِ" (١)، وَأَمَّا دَلِيلُ الفِعْلِ الَّذِي يُعَارِضُ المَعْنَى المَعْقُولَ وَمَفْهُومَ الأَثَرِ المَنْقُولِ، فَإِنَّهُ مَا نُقِلَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مِنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ أَسْفَارِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ قَطُّ).

هذا هو الصحيح، لم يرد في حديث صحيح أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أتم صلاته (٢).

* قوله: (فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ، فَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَمَا هَذَا شَأْنُهُ (٣)، فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الوَجْهَيْنِ، (أَعْنِي: إِمَّا وَاجِبًا مُخَيَّرًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ سُنَّةً)).

انتهى المؤلف بعد هذا النقاش إلى واحد من أمرين، إما أن يكون واجبًا، وهو واجب مخير، يعني: إما أن يصلي الإنسان أربعًا، أو يصلي اثنتين، وإما أن يكون سنةً؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله، وداوم على فعله، ولم ينقل عنه أنه أتم الصلاة، وإن كان إتمام الصلاة جائزًا.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) وهو حديث ابن عمر من أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يزيد في السفر على ركعتين. وهو في "الصحيحين" وقد تقدم.
(٣) سبق ذكر هذا في أدلة الأحناف على وجوب القصر.
وهو من أدلة القائلين بأن القصر أفضل. قال ابن قدامة: "أما القصر فهو أفضل من الإتمام في قول جمهور العلماء؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يداوم على القصر، وقال ابن عمر: "صحبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في السفر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه تعالى"". انظر: "المغني" (٢/ ١٩٩، ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>