للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: اصْطَحَبْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُتِمُّ، وَبَعْضُهُمْ يَقْصُرُ، وَبَعْضُهُمْ يَصُومُ، وَبَعْضُهُمْ يُفْطِرُ، فَلَا يَعِيبُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَا هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ عَنْ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ، فَهَذَا هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي المَوْضِعِ الأَوَّلِ).

ونقل أيضًا عن سعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم- جميعًا (١).

* قوله: (أَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي المَوْضِعِ الثَّانِي، وَهِيَ المَسَافَةُ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا القَصْرُ).

هذه أيضًا مسألة مهمة، والبحث فيها طويل، وقد تناولها عدد من العلماء بالبسط والإيضاح، وعندما نلقي نظرة سريعة في الآيات التي وردت في كتاب اللَّه عز وجل، والتي أشارت إلى السفر، لم نجد أنها حددت قدرًا معينًا يلتزم به المسافر في قصر الصلاة، فمثلًا يقول اللَّه سبحانه وتعالى في الآية التي مرت بنا في موضوع القصر: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}، والضرب في الأرض إنما هو السفر، فلم نجد تحديدًا للسفر بقدر معين، ولم تذكر الآية سفرًا طويلًا ولا قصيرًا.

وقال اللَّه سبحانه وتعالى أيضًا في آية الوضوء: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ} [المائدة: ٦]، والشاهد فيه: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ}، ولم يذكر اللَّه تعالى قدرًا محدَّدًا لهذا السفر، وإنما أطلقه.

وقال سبحانه وتعالى بعد أن ذكر أحكام الصيام: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤].


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>