للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أحكام فيها تخفيف، ولذلك رأينا أن اللَّه سبحانه وتعالى خفف عن المؤمنين، وأذِنَ لهم في قصر الصلاة في حالة الخوف (١).

* قوله: (وَإِذَا كانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَجِبُ القَصْرُ حَيْثُ المَشَقَّةُ. وَأَمَّا مَنْ لَا يُرَاعِي فِي ذَلِكَ إِلَّا اللَّفْظَ فَقَطْ، فَقَال: قَدْ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ" (٢)، فَكُلُّ مَنِ انْطَلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مُسَافِرٍ، جَازَ لَهُ القَصْرُ وَالفِطْرُ، وَأَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ "أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كانَ يَقْصُرُ فِي نَحْوِ السَبْعَةَ عَشَرَ مِيلًا") (٣).

روى المؤلف هذا بالمعنى، وإلا فهو شرحبيل بن السِّمط، فإنه خرج إلى قرية تبعد سبعة عشر كيلومترًا، فقصر فيها الصلاة، فلمَّا سُئل قال: وجدْتُ عمر فعل ذلك، ونسب ذلك إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا شكَّ أنه قد ثبت فيما عرفنا في الأدلة السابقة أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا خرج مسافرًا يقصر في ذي الحليفة (٤).

* قوله: (وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى خَامِسٍ كَمَا قُلْنَا، وَهُوَ أَنَّ القَصْرَ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِلْخَائِفِ (٥)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}


(١) وذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)} [النساء: ١٠١].
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (٦٩٢) بلفظ: "عن جبير بن نفير، قال: خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر، أو ثمانية عشر ميلًا، فصلى ركعتين، فقلت له: فقال: رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له: فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل".
(٤) تقدَّم.
(٥) قال الماوردي: "وقيل: هذا مشروط بالخوف من أربع إلى ركعتين، فإن كان آمنًا مقيمًا لم يقصر، وهذا قول سعد بن أبي وقاص، وداود بن علي". انظر: "النكت والعيون" (١/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>