للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل جاء عن عبد اللَّه بن عباس أنه حدد القصر بقوله: من مكة إلى جدة، ومن مكة إلى عسفان، ومن مكة إلى الطائف (١)، لكننا قلنا: إنه ثبت عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يذهب إلى أرض له تبعد ثلاثين ميلًا فيقصر الصلاة (٢)، وهذه أقل من أربعة برد.

وجاء أيضًا عن عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن القصر في يوم (٣)، ورأينا أن من الصحابة من قصر دون ذلك، فقد قصر عمر في ذي الحليفة (٤)، وإن كان الآخرون من أهل العلم يجيبون بأنه إنما قصر في ذي الحليفة؛ لأنه كان ناويًا سفرًا (٥).

كذلك جاء أيضًا عن بعض الصحابة أنه قصر في أقل من ذلك (٦)، لكن الذين قالوا بالقصر في أربعة برد وقفوا عند قول عبد اللَّه بن عباس، وعند قول عبد اللَّه بن عمر في أربعة برد (٧)، وأن هذا هو الذي اشتهر عنهما، لكننا بيَّنا قبل أنه وقع اختلاف بين الصحابة، وأنهم قد تعارضت أقوالهم في ذلك، وفي حالة المعارضة لا تكون المسألة مجمعًا عليها، وبينا أيضًا أن الآيات التي تناولت السفر في كتاب اللَّه عز وجل، وكذلك أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكرت السفر مطلقًا، وأما غير الأحاديث الصحيحة، فلا يعتمد عليه في المقام.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٥٩) بلفظ: "عن ابن السمط قال: شهدت عمر بذي الحليفة كأنه يريد مكة صلى ركعتين فقلت له لم تفعل هذا؟ قال: إنما أصنع كما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصنع".
(٥) وتعرف نية عمر من قول الراوي عنه: "كأنه يريد مكة" كما جاء في الحديث في الحاشية السابقة.
(٦) ومن ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٥٨): "عن اللجلاج، قال: كنا نسافر مع عمر بن الخطاب فيسير ثلاثة أميال فيتجوز في الصلاة ويفطر".
(٧) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>