للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن كلُّ ما جاء في كتاب اللَّه عز وجل، وفيما صحَّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في السفر إنما جاء مطلقًا وليس بمقيد، وهذه هي وجهة الذين قالوا من أهل العلم بأن كل سفر تقصر فيه الصلاة (١)، ووجدنا أن من العلماء من قال: لا قصر إلا في مسيرة ثلاثة أيام، وهم الحنفية ومن معهم وكثير من علماء الكوفه (٢)، ووجدنا أنهم يستدلون بعمومات أدلة لم تتعرض للقصر، وإنما جاءت في تحريم السفر على المرأة ثلاثة أيام دون أن يصحبها محرم (٣)، أو في أن مسح المسافر على خفيه يكون ثلاثة أيام بلياليهن (٤)، وأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أذن للمهاجرين أن يبقوا بعد أداء نسكهم ثلاثة، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثًا" (٥) وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- قد حرم عليهم البقاء، لكنه بعد ذلك أجاز لهم أن يمكثوا ثلاثًا.

وحصل مثل ذلك مع عمر -رضي اللَّه عنه-، فإنه لما أجلى اليهود من الجزيرة -كما هو معلوم- أذن بعد ذلك لمن يأتي منهم متاجرًا أن يبقى ثلاثة أيام (٦)، فهم قد أخذوا بهذه العمومات وهي في الحقيقة ليست نصًّا في القصر، وبذلك يبقى قول مَن قال من العلماء بأربعة برد (٧)، ومن لم يحددوا، وإنما كل ما يطلق عليه سفر يدخل في ذلك (٨)، ولكننا مع ذلك نرى أن الأخذ بالأحوط هو الأولى في هذا المقام، وإن كنا نجد أن أدلة


(١) تقدَّم قريبًا.
(٢) تقدَّم قريبًا مذهب الحنفية وأهل الكوفة في ذلك.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) أخرجه مسلم (١٣٥٢) بلفظ: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثًا".
(٦) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٦/ ٥١) بلفظ: "عن ابن عمر قال: كانت اليهود، والنصارى ومن سواهم من الكفار من جاء المدينة منهم سفرًا لا يقرون فوق ثلاثة أيام على عهد عمر، فلا أدري أكان يفعل ذلك بهم قبل ذلك أم لا؟ ".
(٧) تقدَّم قولهم قريبًا.
(٨) تقدَّم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>