للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين قالوا: كل سفر تقصر فيه الصلاة هي أدلة قوية، لكن الأحوط للمسلم في هذا المقام أن يأخذ بما جاء عن الأئمة الثلاثة (١)، بأن القصر في أربعة برد، وهذه المسافة ذكرناها فيما مضى، وذكرنا أنها تقرب من ثمانين كيلو مترًا.

* قوله: (وَأَمَّا المَوْضِعُ الثَّالِثُ، وَهُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي نَوْعِ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَى السَّفَرِ المُتَقَرَّبِ بِهِ كَالحَجِّ وَالعُمْرَةِ وَالجِهَادِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ أَحْمَدُ) (٢).

الموضع الثالث: ما نوع السفر التي تقصر فيه الصلاة؟

يقول اللَّه سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] عرفنا أن


(١) أي: مالك والشافعي وأحمد، وتقدم قولهم قريبًا.
(٢) أي: قال بأنه لا يقصر إلا إذا كان في سفر طاعة، أما إذا كان في سفر نزهة فلا يقصر، وهذا القول هو إحدى الروايتين عنه. انظر: "الروايتين والوجهين"، لأبي يعلى الفراء (١/ ١٧٦، ١٧٧)، وفيه قال: "واختلف في القصر في سفر النزهة. فنقل مهنا خرج إلى بلد يريد النزهة بها: لا يقصر الصلاة. وظاهر هذا المنع محمول على طريق الاختيار. قال أحمد: تقصر الصلاة في كل سفر. وظاهر هذا الجواز على الإطلاق".
ومشهور المذهب على جوازه. انظر: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (١/ ٧١٣، ٧١٤)، وفيه قال: "ويجوز القصر (لمن نوى سفرًا)، أي: شرع فيه، واجبًا كان أو مستحبًا؛ كسفر الحج والجهاد. .، فالسفر للواجب من ذلك واجب، وللمندوب منه مندوب، وكالسفر لزيارة الإخوان. .، أو ابتدأ سفرًا (مباحًا)، أي: ليس حرامًا ولا مكروهًا، (ولو عصى فيه)، أي: السفر المباح، (أو) كان (نزهة أو فرجة). (أو) كان المسافر (تاجرًا مكاثرا) في الدنيا. (أو) كان السفر (المباح أكثر قصده)، كتاجر قصد التجارة، وقصد معها أن يشرب من خمر تلك البلدة؛ فإن تساوى القصدان، أو غلب الحظر، أو سافر ليقصر فقط؛ لم يجز له القصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>