للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقام تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة (١)، ومَن قال سبعة عشر يومًا فقد اعتمد على رواية صحيحة لحديث ابن عباس (٢)، فأخذ بهذا الحديث، والذي قال ثمانية عشر يومًا أخذ بهذه الرواية (٣)، لكن اختلف في وصلها وإرسالها، وهي وإن كانت مرسلة ولكنها مرسل صحيح (٤)، وهكذا كلٌّ يتمسك بدليل يرى أنه الدليل ويتأول الآراء الأخرى، أو يحاول أن يرُدَّ الأدلة إليه.

* قوله: (وَالقِيَاسُ عَلَى التَّحْدِيدِ (٥) ضَعِيفٌ عِنْدَ الجَمِيعِ) (٦).

إذن سبب تشعب الأقوال وتعددها، هو أنه لم يرد نصٌّ يحدد القدر الذي تُقصر فيه الصلاة في هذه الحالة، فلما لم يرد ووردت أدلة كلها تحكي لنا فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صفات متعددة، أخذ كل صاحب رأي بما يرى أنه الأظهر والأقوى.

* قوله: (وَلذَلِكَ، رَامَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَنْ يَسْتَدِلُّوا لِمَذْهَبِهِمْ مِنَ الأَحْوَالِ الَّتِي نُقِلَتْ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ أَقَامَ فِيهَا مُقْصِرًا).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) وهي رواية ابن عباس السابقة، وأيضًا لرواية عمران بن حصين كما سبق. قال الخطابي: "وخبر عمران بن حصين أصحها عند الشافعي وأسلمها من الاختلاف فاعتمده وصار إليه". انظر: "معالم السنن" (١/ ٢٦٧).
(٤) الذي وقفت عليه أنهم أعلوا رواية: "خمس عشرة" بالإرسال. قال الألباني: "أخرجه أبو داود، وابن ماجه (١٠٧٦) والبيهقي عن أبي داود وأعلَّاه بأن جماعة لم يذكروا فيه ابن عباس، فهو مرسل".
(٥) القياس بالتحديد: يقصد به ابن رشد "قياس الشبه" كما أوضح ذلك ابن رشد في موضع أخر من كتابه "بداية المجتهد": وفيه قال: "وهذا كله معدوم في هذا القياس ومع هذا فإنه من الشبه الذي لم ينبه عليه اللفظ وهذا النوع من القياس مردود عند المحققين، لكن لم يستعملوا هذا القياس في إثبات التحديد المقابل لمفهوم الحديث؛ إذ هو في غاية الضعف. . . ".
(٦) يُنظر: "المستصفى"، للغزالي (ص: ٢٥١) وفيه قال: "حجة من فرق بين جلى القياس وخفيه وهي أن جلي القياس قوي وهو أقوى من العموم والخفي ضعيف ثم حكي عنهم أنهم فسروا الجلي بقياس العلة والخفي بقياس الشبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>