للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَزْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتَمَّ. وَالثَّالِثُ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ (١)، وَدَاوُدَ (٢) أَنَّهُ إِذَا أَزْمَعَ عَلَى أكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ، وَسَبَبُ الخِلَافِ أَنَّهُ أَمْرٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ).

نعم، لم يرد عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث واحد يبيِّن أن الإنسان إذا ما نزل بلدًا وقصد السفر، فإنه إذا مكث كذا يظلُّ مسافرًا، إلى أن تمضي عليه فترة كذا فحينئذ يتم الصلاة، لم يرد نص في ذلك، ولكن الأحاديث جاءت مطلقةً.

والخلاصة: أنهم أخذوا ذلك من فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ ففي حديث أنس أن الرسول أقام بمكة عشرًا يقصر الصلاة (٣)، وأيضًا هذه الإقامة لم تكن هذه كلها بمكة وبالمشاعر؛ لأنه دخل مكة في اليوم الرابع، ومكث فيها إلى اليوم السابع، إذن لم يمكث فيها عشرة أيام، وإنما مراد أنس أنه أقام بمكة عشرة أيام يدخل في ذلك ذهابه إلى المناسك، ورأى الجمهور أن مدة القصر ثلاثة أيام (٤).

والآخرون من أهل العلم كلٌّ يعلل بدليل، فمن قال منهم خمسة عشر يومًا، قالوا: الرسول أقام بمكة خمسة عشر يومًا يقصر الصلاة (٥)، والذي يقول تسعة عشر يومًا نقل عن ابن عباس؛ لأنه راوي الحديث أن الرسول


(١) سبق النقل عن الإمام أحمد قريبًا.
(٢) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٢٤٧) وفيه قال: "وقال داود من عزم على إقامة أربعة أيام عشرين صلاة قصر ومن عزم على مقام أكثر من ذلك أتم".
ومذهب الظاهرية أنه لو جاوز واحد وعشرين يومًا أتم. انظر: "المحلى بالآثار"، لابن حزم (٣/ ٢١٦)، وفيه قال: "فإن سافر المرء في جهاد، أو حج، أو عمرة، أو غير ذلك من الأسفار-: فأقام في مكان واحد عشرين يومًا بلياليها: قصر، وإن أقام أكثر: أتم ولو في صلاة واحدة".
(٣) تقدَّم تخريج هذا الحديث.
(٤) تقدَّم قريبًا.
(٥) تقدَّم تخريج هذا الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>