للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (ثَانِيًا: اخْتِلَافُهُمْ أَيْضًا فِي تَصْحِيحِ بَعْضِهَا).

الفريق الآخر من العلماء يقولون (١): الجمع لم يرد في كتاب اللَّه عز وجل كالحال في القصر، وإنما هو فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكن الغاية من الجمع كما أشرنا سابقًا هي التخفيف والجمع بين الصلاتين، ولا شك أن فيه تخفيفًا على المسافر (٢)، وهذا يتفق مع أصول الشريعة.

* قوله: (وَثَالِثًا اخْتِلَافُهُمْ فِي إِجَازَةِ القِيَاسِ فِي ذَلِكَ، فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ كَمَا تَرَى، أَمَّا الآثَارُ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا، فَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ الثَّابِتُ بِاتِّفَاقٍ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ (٣) أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ) (٤).

يعني: قبل أن تزول الشمس.

* قوله: (ثُمَّ نَزَلَ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ" (٥)).


(١) وهم الحنفية كما مر.
(٢) مَن قال بعلة التخفيف في الجمع هم الجمهور؛ المالكية والشافعية والحنابلة.
انظر في مذهب المالكية: "الجامع لمسائل المدونة"، لابن يونس (٢/ ٧١١)، وفيه قال: "وأصل الجمع في السفر إنما هو تخفيف على المسافر، وعون له على سفره، وفي الجمع له في المنهل غاية التخفيف، فأبيح له ذلك. ويجمع المسافر في الحج وغيره خلافًا لأبي حنيفة".
وانظر في مذهب الشافعية: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٢٣٤)، وفيه قال: "صلاة المسافر شرعت تخفيفًا عليه لما يلحقه من تعب السفر، وهي نوعان القصر، والجمع".
وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٣٠٠) وفيه قال: " (و) يشترط (لجمع بوقت ثانية) وهو جمع التأخير شرطان أحدهما (نيته)، أي: الجمع (بوقت أولى) المجموعتين مع وجود مبيحه (ما لم يضق) وقت الأولى (عن فعلها) لفوات فائدة الجمع، وهي التخفيف".
(٣) "زاغَتِ الشمسُ": إِذا مالتْ وزالت. انظر: "تهذيب اللغة"، للأزهري (٨/ ١٥١).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>