للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قَالَ: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا: هُوَ السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ هُنَالِكَ التَّعْمِيمُ؛ لِأَنَّ القَصْرَ نُقِلَ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَالجَمْعَ إِنَّمَا نُقِلَ فِعْلًا فَقَطْ).

أي: أن الحكم واحد فيهما، ولذلك لو رجعنا إلى الكتب المطولة نجد أنهم لا يُكررون هذه المسألة؛ وإنما يبسطون القول فيها في باب قصر الصلاة، ثم بعد ذلك إمَّا يُشيرون إلى أنها قد مَرَّت، أو لا يذكرونها؛ لأن الحكم فيهما سواء (١).

فكما أنه لا يجوز للعاصي بسفره أن يقصر الصلاة، فكذلك ليس له أن يجمع بين الصلاتين؛ لأنه عاصٍ، والرُّخص لا تُستباح بالمعاصي.

وقوله: "وإن كان هنالك التعميم"، يعني بقوله: "هنالك" باب القصر، والمعنى: أن من الفقهاء مَن عَمَّم الرخصة في باب القصر، لنقله في النصوص بالقول والفعل، والقول يدل على العموم؛ قال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)} [النساء: ١٠١]، فلم يخص سفرًا دون سفر؛ فمن هنا جاء التعميم.

وأما الجمع؛ فإنما نُقل بالفعل دون القول؛ فتجد الحديث: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر" (٢)، ونحو ذلك، وهذا مجرد فعل، والفعل المجرد لا يدل على العموم عند جمهور الأصوليين (٣)، وإنما يجيء التعميم لسبب آخر زائد على الفعل؛ كالقياس، أو نحوه.


(١) هذا هو عينُ ما رأيتُه حين البحث في المصادر المختلفة، على اختلاف المذاهب.
(٢) تقدَّم تخريجُه.
(٣) المراد بالفعل المجرَّد: ما كان من أفعال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يَظهر لدينا دليل نُلحقه به، فقد يكون عامًّا أو خاصًّا، ثم لا نعلم هل هو على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة؟ واعلم أنَّ قضية الفعل المجرَّد هي لبُّ باب الأفعال، وهي التي يقع فيه الخلاف. وقد اضطربت كتبُ الأصول فيما تنسب إلى بعض الأئمة من القول في =

<<  <  ج: ص:  >  >>