للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى:

(وَأَمَّا الجَمْعُ فِي الحَضَرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنَّ مَالِكًا وَأَكْثَرَ الفُقَهَاءِ لَا يُجِيزُونَهُ، وَأَجَازَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَأَشْهَبُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ).

وهو قول العلماء كافَّة عمومًا (١)، وقد وقفتُ على أن ابن سيرين هو الذي قال بجواز الجمع لغير عذر، لكنه قَيَّده بأن لا يكون عادة (٢)؛ يعني: إن كانت لك حاجة تَجمع، وهذا قول ضعيف مردود (٣). وقد نسبه المؤلف


= وتخرج بالتوعد بالعقوبة لِمَن قربها، فالخائف من عقوبة السلطان يَبعد بماشيته عن ذلك الحِمى؛ لأنه إن قرب منه فالغالب الوقوع فيه؛ لأنه قد تنفرد الفاذة وتشذ الشاذة ولا ينضبط؛ فالحذر أن يجعل بينه وبين ذلك الحِمى مسافة يأمن فيها وقوع ذلك، وهكذا محارم اللَّه -عزَّ وجلَّ- من القتل والربا والسرقة وشرب الخمر والقذف والغِيبة والنميمة ونحو ذلك لا ينبغي أن يَحوم حولها مخافة الوقوع فيها".
(١) يُنْظَر: "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" لابن عبد البر (١٢/ ٢١٠)؛ حيث قال: "أجمع العلماء على أنَّه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر على حال البتة، إلا طائفة شَذَّت".
(٢) يُنْظَر: "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" لابن المنذر (٢/ ٤٣٣): "وقد روينا عن ابن سيرين: أنه كان لا يرى بأسًا أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة أو شيء ما لم يتخذه عادة".
(٣) يُنْظَر: "المجموع شرح المهذب" للنووي -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٤/ ٣٨٤)؛ حيث قال: "قال ابنُ المنذر من أصحابنا: يجوز الجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا مرض، وحكاه الخطابي في: "معالم السنن" عن القفال الكبير الشاشي عن أبي إسحاق المروزي، قال الخطابي: "وهو قول جماعة من أصحاب الحديث؛ لظاهر حديث ابن عباس". وحديث ابن عباس عند مسلم (٧٠٥): "جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك؛ فجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء"، قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك، قال: "أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ". وخلاصة حجة ابن المنذر -رحمه اللَّه-: أنه لا معنى لحمل الأمر فيه على عذر من الأعذار؛ لأنَّ ابن عباس قد أخبر بالعلة فيه، وهو قوله: "أراد أن لا يُحرج أُمَّته"، انظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>