للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ).

يدور الكلام حول الأعذار؛ كالمطر، والمرض، والخوف، والرِّيح الباردة الشديدة في الليلة المظلمة، والوحل؛ أي: الطين إذا اختلط بالماء بعد المطر؛ إذ فيه مشقة بَلِّ الثياب، وأيضًا يتأثر به الإنسان؛ فاختلفوا هل يُلحق المطر بالوحل أم لا؟

فهذه كلها مسائل اختلفوا فيها، ومدار الخلاف حول حديث عبد اللَّه بن عباس قال: "صَلَّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر والعصر جميعًا بالمدينة، في غير خوف، ولا سَفر"، وهو مخرج في "صحيح مسلم" (١)، قال مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "أرى ذلك كان في مطر" (٢).

لكن يُشكل على قول مالك أنه قد جاء في "صحيح مسلم" عن ابن عباس، قال: "جمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف، ولا مطر" (٣)؛ فيبقى الإشكال، ولا بد أن هناك علة أُخرى، وقد أجاب عنه علماء آخرون بأنه جمع للمرض (٤).

(فَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي مَطَرٍ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ).

ننبه أن حديث ابن عباس حديث صحيح مخرج في "صحيح مسلم" وغيره، حتى لا يُظن أن الحديث فيه شيء، ولكن يَرُدُّ ذلك رواية مسلم نفسه: "في غير خوف، ولا مطر".


(١) أخرجه مسلم (٧٠٥ - ٥٠).
(٢) "موطأ الإمام مالك، رواية أبي مصعب الزهراني" (١/ ١٤٥).
(٣) أخرجه مسلم (٧٠٥ - ٥٤).
(٤) يُنْظَر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٢٤)؛ حيث قال: "وجَوَّز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض، وقَوَّاه النووي، وفيه نظر؛ لأنه لو كان جمعه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الصلاتين لعارض المرض؛ لمَا صلى معه إلا من به نحو ذلك العذر، والظاهر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع بأصحابه، وقد صرح بذلك ابنُ عباس في روايته".

<<  <  ج: ص:  >  >>