للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ بِعُمُومِهِ مُطْلَقًا، وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ زِيَادَةً فِي حَدِيثِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ، وَلَا مَطَرٍ").

المؤلف -هداه اللَّه (١) - أحيانًا يشبك الأحاديث بعضها ببعض؛ بمعنى: أن يأتي بحديثين فيُدخلهما في بعض، فيُوهم أنهما حديث واحد؛ كما فعل هنا.

وليس كما قال، بل هما روايتان، نعم هما في "صحيح مسلم"، لكن روايتان: رواية: "في غير خوف، ولا سفر"، ورواية: "في غير خوف، ولا مطر"، فقد أخذ المطر من حديثٍ وضمَّه إلى "في غير خوف، ولا سفر"، فقال: "في غير خوف، ولا سفر، ولا مطر"، وهذا مما لا ينبغي؛ فلننتبه أنهما حديثان، وليسا حديثًا واحدًا.

* قوله: (وَبِهَذَا تَمَسَّكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٢)).

ولكننا نرد عليهم بأن قوله: "في غير خوف، ولا سفر"، "في غير خوف، ولا مطر"، يدلُّ على أنَّ هناك عذرًا آخر، ويدل لهذا أن الراوي لما سأل ابن عباس لم فعل ذلك؛ قال: "أراد أن لا يُحرج أُمَّته".

* قوله: (وَأَمَّا الجَمْعُ فِي الحَضَرِ لِعُذْرِ المَطَرِ).

المقصود بالمطر: هو ما يبل الثياب، بحيث يلحق الماشي فيه مشقة؛


(١) لعل دعاء الشارح للمؤلف بالهداية مع كونه ميتًا، من باب قوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ}، قال الواحدي في "الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" (ص: ١٠٠١): "سيهديهم في الدنيا إلى الطاعات، وفي الآخرة إلى الدرجات".
(٢) يُنْظَر: "المحلى" لابن حزم (٢/ ٢٠٥)؛ حيث قال: "ونحن نرى الجمع بين الظهر والعصر، ثم بين المغرب والعشاء أبدًا بلا ضرورة ولا عذر، ولا مخالفة للسنن؛ لكن بأن يؤخر الظهر كما فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى آخر وقتها؛ فيبتدأ في وقتها ويُسَلَّم منها وقد دخل وقت العصر؛ فيؤذن للعصر، ويقام وتصلى في وقتها؛ وتؤخر المغرب كذلك إلى آخر وقتها؛ فيُكبر لها في وقتها ويُسلم منها وقد دخل وقت العشاء، فيؤذن لها ويُقام وتصلى العشاء في وقتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>