للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وِجَاهَ العَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ"، وَبِهَذَا الحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ).

ظاهر كلام المصنف رَحِمِهُ اللَّهُ أن الشافعي اقتصر على هذه، والصواب أنه استحب ثلاث صور، مع صلاة شِدَّة الخوف؛ قال النوويُّ: "واختار الشافعي -رَحِمِهُ اللَّهُ- منها ثلاثة أنواع: (أحدها): صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- ببطن نخل. (والثاني): صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- بذات الرِّقاع. (والثالث): صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- بعُسفان، وكلها صحيحة ثابتة في "الصَّحيحين"، ولصلاة الخوف نوعٌ رابعٌ جاء به القرآنُ، وذكره الشافعيُّ وهو صلاة شِدَّة الخوف؛ قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} " (١).

ويُوافقه أحمد على هذه الصفة في حديث صالح بن خَوَّات، ويجوز الصلاة بكل صفة وَرَدَت.

* قوله: (وَرَوَى مَالِكٌ هَذَا الحَدِيثَ بِعَيْنِهِ عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ مَوْقُوفًا؛ كَمِثْلِ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: أَنَّهُ لَمَّا قَضَى الرَّكْعَةَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سَلَّمَ، وَلَمْ يَنْتَظِرْهُمْ حَتَّى يَفْرُغُوا مِنَ الصَّلَاةِ، وَاخْتَارَ مَالِكٌ هَذِهِ الصِّفَةَ، فَالشَّافِعِيُّ آثَرَ المُسْنَدَ عَلَى المَوْقُوفِ، وَمَالِكٌ آثَرَ المَوْقُوفَ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالأُصُولِ: (أَعْنِي: أَلَّا يَجْلِسَ الإِمَامُ حَتَّى تَفْرُغَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صَلَاتِهَا؛ لِأَنَّ الإِمَامَ مَتْبُوعٌ لَا مُتَّبعٌ)، وَغَيْرُ مُخْتَلَفٍ عَلَيْهِ).

كأنَّ مالكًا قاس على سائر الصلوات؛ فالمأموم ينتظر الإمام بلا عكس، فقَدَّم هذه الصفة لِمُوافقتها الأصول، ووافقه على ذلك أبو ثَوْرٍ.


(١) "المجموع شرح المهذب" (٤/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>