للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلف إمام واحد كان يمكن أن يَنقسموا مجموعتين بإمامين.

* قوله: (وَإِنَّمَا كَانَ ضَرُورَةُ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ خَاصَّةً مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَتَأَيَّدَ عِنْدَهُ هَذَا التَّأْوِيلُ بِدَلِيلِ الخِطَابِ المَفْهُومِ مِنْ قَوْلهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} الآيَةَ [النساء: ١٠٢]، وَمَفْهُومُ الخِطَابِ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ، فَالحُكْمُ غَيْرُ هَذَا الحُكْمِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ إِلَى "أَنَّ صَلَاةَ الخَوْفِ تُؤَخَّرُ عَنْ وَقْتِ الخَوْفِ إِلَى وَقْتِ الأَمْنِ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ الخَنْدَقِ"، وَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الفِعْلَ يَوْمَ الخَنْدَقِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الخَوْفِ، وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِهَا).

قال ابنُ عبد البر رَحِمَهُ اللَّهُ: "قد احتجَّ بهذا -يعني: أنه ما صَلَّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتَّى غَربت الشمس- من ذهب إلى أن صلاة الخوف تُؤخر إذا لم يَستطع عليها على وجهها إلى وقت الأمن والاستطاعة، وهذا قولُ جماعة من فقهاء أهل الشام شَذُّوا عن الجمهور الذين هم الحُجَّة على مَن خالفهم، وقد بان فسادُ ما ذهبوا إليه بالحديث الثابت أن يوم الخندق قبل صلاة الخوف وقبل نزول الآية فيه" (١).

* قوله: (وَأَمَّا صِفَةُ صَلَاةِ الخَوْفِ، فَإِنَّ العُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا لِاخْتِلَافِ الآثَارِ فِي هَذَا البَابِ: (أَعْنِي: المَنْقُولَةَ مِنْ فِعْلِهِ) -صلى اللَّه عليه وسلم- في صَلَاةِ الخَوْفِ، وَالمَشْهُورُ مِنْ ذَلِكَ سَبْعُ صِفَاتٍ، فَمِنْ ذَلِكَ: مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ "عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا،


(١) "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>