للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وقعت صلاة الخوف في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على صفات متعددة، فمنها ما حصل في غزوة ذات الرقاع، ونخلة، وعُسفان، وغير ذلك.

(وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ صَلَاةُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الخَوْفِ هِيَ عِبَادَةٌ، أَوْ هِيَ لِمَكَانِ فَضْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا عِبَادَةٌ، لَمْ يَرَ أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ).

الآية دليل على أنها عامَّة: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: ١٠٢]. {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩].

(وَمَنْ رَآهَا لِمَكَانِ فَضْلِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- رَآهَا خَاصَّةً بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ).

قد بيَّنا ضعف هذا القول، بل هو شاذٌّ، كما ذكر المؤلف؛ إذ لا دليل على هذا الاختصاص، وأصل صلاة الخوف ليست واجبة، وإنما هي جائزة، وأيضًا صلاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- هي الفضيلة، ولا شَكَّ أنها أفضل من غيرها، ولكن لا يؤدي ذلك إلى أن أترك واجبًا لأجل أمرٍ فاضل.

* قوله: (وَإِلَّا فَقَدَ كَانَ يُمْكِنُنَا أَنْ يَنْقَسِمَ النَّاسُ عَلَى إِمَامَيْنِ).

أي: بدلًا من أن يُصلوا صلاة ناقصة الواجبات؛ لأجل أن يكونوا


= وأن يكون في المسلمين كثرة والعدو قليل، وأن يخاف هجومهم على المسلمين في الصلاة، قال أصحابنا: فهذه الأمور ليست شرطًا لصحتها، فإنَّ الصلاة على هذا الوجه صحيحة عندنا من غير خوف؛ ففي الخوف أولى، وإنما المراد: أنها لا تُندب على هذه الهيئة إلا بهذه الشروط الثلاثة، واللَّه أعلم".
ويُنظر للحنابلة: "الهداية على مذهب الإمام أحمد" (ص: ١٠٦)، حيث قال: "وإن كان العدو في جهة القبلة، وهم بحيث لا يخفى بعضهم على بعض، ولا يخاف كمينًا لهم، وفي المسلمين كثرة جاز أن يصلي صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعسفان".

<<  <  ج: ص:  >  >>