للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ سَجَدَ الآخَرُونَ، ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا، فَسَلَّمَ بِهِمْ جَمِيعًا"، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ صلَّاهَا بِعَسَفَانَ، وَصَلَّاهَا يَوْمَ بَنِي سُلَيْمٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ هَذَا عَنْ جَابِرٍ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ أَحْوَطُهَا، يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ كَبِيرُ عَمَلٍ مُخَالِفٍ لِأفْعَالِ الصَّلَاةِ المَعْرُوفَةِ، وَقَالَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ جُمْلَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَخَرَّجَهَا مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ، وَقَالَ جَابِرٌ: كَمَا يَصْنَعُ حَرَسُكُمْ هَؤُلَاءِ بِأُمَرَائِكُمْ").

لكن ينبغي تقييد هذه الصفة بقيود؛ قال ابن قُدامة في "المُغني": "ومِن شرط هذه الصلاة: أن يكون العدو في جهة القبلة؛ لأنه لا يُمكن حراستهم في الصلاة إلا كذلك، وأن يكونوا بحيث لا يَخفى بعضهم على بعض، ولا يُخاف كمين لهم" (١).

* قوله: (وَالصِّفَةُ الخَامِسَةُ: الوَارِدَةُ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ. قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ زَهْدَمٍ: "كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَامَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَاةَ الخَوْفِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا شَيْئًا"، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ مُخَالَفَةً كَثِيرَةً. وَخَرَّجَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الحَضَرِ أَرْبَعٌ، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ"، وَأَجَازَ هَذِهِ الصِّفَةَ الثَّوْرِيُّ).


(١) "المغني" لابن قدامة (٢/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>