وقد قال بهذه الصفة طائفةٌ من السَّلف؛ منهم: طاوس، ومجاهد، والحَسَن، وقتادة، والحَكَم، ويقتضي عموم كلام أحمد جوازها؛ لأنه ذَكر ستة أوجه، ولا أعلم وجهًا سادسًا سواها، وأصحابنا يُنكرون ذلك (١).
وهذه الصفة تختصُّ بشدة القتال، ولا تستعمل عمومًا؛ قال ابن قدامة:"والذي قال منهم: ركعة، إنَّما جعلها عند شدة القتال".
لكن في حديث أبي بَكْرَة أنَّه سَلَّم من الركعتين، وصَلَّى بالأخرى ركعتين، ثم سَلَّم؛ روى أبو داود عن أبي بكرة، قال:"صَلَّى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في خوفٍ الظهرَ؛ فصَفَّ بعضُهم خلفه، وبعضهم بإزاءِ العدو، فصلى بهم ركعتين، ثم سَلَّم، فانطلق الذين صَلَّوْا معه، فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه، فصلى بهم ركعتين، ثم سَلَّم، فكانت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعًا، ولأصحابه ركعتين ركعتين"، وبذلك كان يُفتي الحسن.
وأمَّا حديث جابر -وهو مخرج في "الصَّحيحين"- وفيه:"فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصَلَّى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: فكانت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أربع ركعات، وللقوم ركعتان".
ومأخذ الحَسن أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَمَّ أربعًا، وهم قد صلوا ركعتين؛ فدل على صِحَّة اختلاف نية الإمام والمأموم.