للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متمددًا إلى القِبلة، ودليلهم في ذلك نَصُّ الحديث: "صَلِّ قائمًا، فإن لم تستَطِع فقاعدًا، فإن لم تستَطِع فعلى جَنبٍ"، وهذا نصٌّ، ولا اجتهاد مع النص. والنص ما لا يَقبل تأويلًا ولا تبديلًا، فلا يجوز لنا أن نجتهد مع وجود النص.

والذين قالوا: يُصلي مستلقيًا: أبو حنيفة (١)، وبعض السَّلف (٢)، وخالفه صَاحِبَاه (٣)، وله رواية بموافقة مذهب الجمهور (٤).

وقد عَلَّلوا قولهم: بأنه في هذه الحالة يَتَجه إلى القبلة، فإذا أراد أن يركع رفع رأسه، وإذا أراد أن يَسجد اتَجه إلى القبلة، وأمَّا الذي ينام على جنبه الأيمن؛ فإنه إذا أراد أن يَسجد لف رأسه فاتَّجه إلى غير القبلة (٥).

وأجاب الجمهور: بأن الصَّحيح في حال ركوعه يكون وجهه إلى الأرض، وكذلك في سجوده؛ فيَبقى الإشكالُ واردًا.

ولا شكَّ أن الوقوف عند النص هو الأَوْلَى بأن يُصلي الإنسان قائمًا؛


(١) يُنْظَر: "الدر المختار" (٢/ ٩٩)، حيث قال: " (وإن تعذر القعود) ولو حكمًا، (أومأ مستلقيًا) على ظهره، (ورجلاه نحو القبلة) غير أنه يَنصب ركبتيه؛ لكراهة مد الرجل إلى القبلة، ويرفع رأسه يسيرًا؛ ليصير وجهه إليها، (أو على جنبه الأيمن) أو الأيسر ووجهه إليها، (والأول أفضل) على المعتمد".
(٢) يُنْظَر: "الأوسط" لابن المنذر (٤/ ٤٣٧، ٤٣٨)، حيث قال: "وقالت طائفة: في المريض إذا لم يَستطع أن يصلي قاعدًا يصلي مستلقيًا، ويجعل رجليه مما يلي القبلة، ويومي برأسه إيماء، هذا قول الحارث العكلي. . .، عن نافع: أن ابن عمر، قال: يصلي المريض مستلقيًا على قفاه تلي قدماه القبلة".
(٣) يُنظر: لمذهب محمد بن الحسن: "الأصل المعروف بالمبسوط" (١/ ٢١٨)، حيث قال: "فإن كان لا يستطيع أن يصلي إلا مضطجعًا كيف يصنع؟ قال: يستقبل القبلة، ثم يصلي مضطجعًا يومي إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع".
(٤) يُنْظَر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (١/ ٢٠١)، حيث قال: "وقال الشافعي: يومي على الجنب، وهو رواية عن أبي حنيفة".
(٥) يُنْظَر: "مرقاة المفاتيح" للقاري (٣/ ٩٣٦)، حيث قال: "المستلقي تقع إشارته إلى جهة القبلة، وبه يتأدى الفرض بخلاف الاخر، ألا ترى أنه لو حَقَّقه مستلقيًا كان سجودًا وركوعًا إلى القبلة، ولو أَتَمَّه على جنب كان إلى غير جهتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>