فيها إلى القياس، والقياس معتمد، فيقولون: لو أن إنسانًا أحدث متعمدًا، فإنه في هذه الحالة إلى جانب بطلان طهوره، تبطل صلاته، قالوا: فيلحق بذلك غير المتعمِّد، فقَاسوا غير المُتَعمِّد على المتعمِّد في هذه الحالة، فرأوا أنه لا فرق بينهما، أي: لم يَرَوا فرقًا بين أن يكون الحدث قَدْ صدَر من إنسان متعمدًا، أو ناسيًا، وبين أَنْ يكون من إِنْسَانٍ قَدْ غلبه الحدث، وسَيْطر عليه، فلم يملك ردَّه، وإنما الذي ورَد في ذلك الرعاف، وَسَبق أن تَكلَّمنا عن الأحداث تفصيلًا، وَبينَّا الفرقَ بين ما يخرج من دُبُر الإنسان وقُبُله، وبَيْن ما يَخرج من بقيَّة بَدَنه، وتفصيل العُلَماء في النجَاسات، وَكَذلك بالنسبة لسائر الحيوانات والكلام في الدم وغيره.
وَالرَّاجح: أنه لا شكَّ أن الأَوْلَى أن يأخذ بالأَحْوَط، وهو أن يعيدَ صَلَاته، وليس ذلك داخلًا في قول اللَّه سبحانهُ وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣)} [محمد: ٣٣]؛ لأنَّه ما قَصَد إبطال الصلاة، وإنما وُجِدَ خلل أفسد عليه طهارته؛ فَسَرَى ذلك عند البعض إلى صلاته، وعند البعض اقتصر على الطهارة، فيَنْبغي أن يُجدِّد طهارته ثم يعود.
مَسْألة الرعاف فيها اختلافٌ، وَهِيَ ليست عند الشَّافعيِّ وَحْده؛ بَلْ وعند أحمد (١).
(١) سبق ذكر مَذَاهب العلماء، وأن مذهب المالكية والحنابلة في روايةٍ: أنه يَبْني في الرعاف، ولا يبني في غيره من الأحداث، وأنَّ الرواية المشهورة عند الحنابلة هي الموافقة لمذهب الشافعية أنه لا يبني في رعافٍ، ولا في غَيْره.