للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر (١)، وعلى بن أبى طالب (٢)) والحنفية (٣) يرون أنه يبنى على ما انتهى إليه أي: يبني على ما مضى من صلاته.

وتكلَّم المؤلف عن هذه المسألة وقال: لم يرد فيها إلا أثرٌ عن عبد اللَّه بن عمر، أورده مالك في "موطئه" فيما صح عنه أنَّه كَانَ إذا أصَابه رعاف (٤) فإنه ينصرف ثم بعد ذلك يتوضأ، ويعوفى للصلاة، ولا يتكلم (٥).

وَوَرد في ذلك حديثٌ مختلفٌ في صحته، وقد صح مرسلًا، وهو حديثٌ عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أصَابه قيءٌ أو رعافٌ أَوْ قَلس (٦) أو مَذيٌ (٧) فَلْيَنْصَرفْ فليتوضَّأ، ثم ليبن على صَلَاتِهِ، وهُوَ في ذَلِكَ لا يَتَكَلَّم" (٨).

فَهَذا دليلٌ على أنه يَبْني.

وَردَّ الجمهورُ بأنه ليس هناك دليلٌ مرفوعٌ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صح، وَهَذا أمرٌ اختلفَ فيه السَّلف، ولَمْ يكن قَوْل الصحابة -رضي اللَّه عنهم- في ذَلكَ متحدًا؛ وإنَّما وقَع بينهم خلافٌ في هذه المسألة، وقالوا: نرجع


(١) أخرجه مالك في "الموطإ" (٤٦)، وسيأتي. وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢/ ١٣)، عن ابن عمر، قال: "مَنْ رعف في صلاته، فلينصرف، فَلْيَتوضَّأ، فَإِنْ لَمْ يتكلَّم، بنَى على صَلَاته، وإنْ تكلم استأنف الصَّلاة".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢/ ١٣)، عن عليٍّ، قال: "إذا وجد أحدكم في بطنه ذرًّا، أو قيئًا، أو رعافًا، فلينصرف، فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته ما لم يتكلم".
(٣) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٣٠)، حيث قال: "فَإِنْ سبقه الحدث انصرف، فإن كان إمامًا استخلف وتوضأ وبنى على صلاته، والاستئناف أفضل".
(٤) تقدَّم معناه.
(٥) أخرجه مالك في "الموطإ" (٤٦).
(٦) "القلس": ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه، وليسَ بقيءٍ، فإذا غلب فهو قيء. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (١٦/ ٣٩١).
(٧) "المَذْي": هو البلل اللزج الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (٣٩/ ٥١٧).
(٨) أخرجه ابن ماجه (١٢٢١)، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "ضعيف ابن ماجه" (ص ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>